ر سالة " تهنئة " من نوع خاص؟ الآن يمكن لكل واحد منكم أن ينعم بالوظيفة التي يجاهد من أجل الظفر بها ( انظر البلاغين أس...
الآن يمكن لكل واحد منكم أن ينعم بالوظيفة التي يجاهد من أجل الظفر بها ( انظر البلاغين أسفل الرسالة ). فالدولة، وبعد ست سنوات، قررت اليوم أن تدمجكم في سلكها وسلاليمها بدون مبارة. وقد سارعت لذلك تخوفا من انفجار الشارع المغربي الذي تحاصره ثورات أشقائه المغاربيين من كل جانب فهي بالتأكيد ظلت صماء حتى عندما هددتم بإضرام النار في أجسادكم وبانتحار جماعي بشرب السم في تراجيديا لم يشهدها المغرب من قبل. لقد كانت رسالتكم واضحة، نريد الوظيفة ولا شيء غير الوظيفة، وكانت رسالة المسؤولين واضحة كذلك، ليس هناك مناصب في الوظيفة العمومية.
كان عنادكم أكبر من عناد السلطة. لكنه عناد منذ البداية أردتم له أن يكون محدودا ومحصورا في مطلب الوظيفة. فعزلت نفسكم عن بقية المعطلين من حاملي الشهادات، وتبرأتم من كل حاملي الشهادات العليا، وعددهم بالمناسبة يضاعف عددكم بعشرات المرات، الذين كانوا يصرون على ربط مطلبكم بالنضال الاجتماعي للشباب المغربي. واستوليتم على ميدان الاحتجاج أمام البرلمان، بارعين في سياسة الفر والكر، رافضين تسييس مطالبكم ، التي هي مطالب مشروعة على أية حال لقد استغربت في السابق كيف أن الدولة لم تنتبه آنذاك لمطالبكم التي لا تمس بنية سياسة التوظيف المتعفنة. ولا لخلو شعاراتكم من إدانة الفساد الإداري من زبونية ومحسوبية إلى أن وصل الأمر بالمتاجرة بالمناصب حد السوق المنظمة. تغييب هذه الشعارات إشارة واضحة على أنكم لستم ضد هذه البنية الإدارية، ربما لأن تحليلكم للوضع جعلكم تختارون الطريق السهل ، ما قد يدفع للاعتقاد بأنكم مستعدين لضخ شرايين الحياة من جديد في هذه الإدارة المتهالكة التي ابتلى بها الشعب المغربي. بل أنا متأكد أنكم وأنتم في طريقكم للمكاتب التي تنتظركم، قد تجتهدون لتكريس واقع الإدارة وإطعامها بنفس جديد باتت في حاجة إليه بسبب تكلسها وتعفنها. كيف لا وقد تبرأتم من مطالب الشباب المغربي الذي بدأ يتشكل حول حركة 20 فبراير؟ وأصدرتم بلاغات تحذر من ركوب الحركة على مطلبكم بالوظيفة، وفي الواقع كان العكس هو الصحيح. فها أنتم تسوقون من خلال الإعلام الرسمي بتكرار ممل ، على أن الدولة رضخت لمطالب الشباب، وأنها ستوظف حاملي الشهادات وستخصص 10 في المائة من ميزانيتها للتشغيل، وأطلقت الإشاعات بانطلاق حملة تسجيل المعطلين بالأقاليم والعملات، وأرسلت الآلاف من الرسائل القصيرة لهواتف المعطلين ، بمن فيهم الذين وظفوا أو اشتغلوا بشكل أو آخر، تبشرهم بالفرج القريب؟ فمن ركب على من؟ هل الشباب الذي سئم من الوعود الكاذبة وأصبح ينظم نفسه لإحداث تغيير حقيقي في بنية الدولة أم الفئة التي ظلت تعزل نفسها للحصول على مطلب كان مستحيل التحقق قبل تحرك الشارع المغربي؟
ربما هو أمر جيد صنعتموه ليعرف الشباب المغربي أن المطالب الفئوية الضيقة، المحدودة والمفصولة عن المجتمع أصبحت مدعاة للتساؤل. فهي عوض أن تضع اليد على أصل الداء، تبحث عن مكان للتعايش معه، وكيفما كان الأمر فان طبيعة هذا النضال الاجتماعي الممسوخ يدفع بالأمور للوراء أكثر مما يدفعها للأمام. والساذج هو الذي يعتقد بأن مثل هذه الحركات بالتأكيد ستحل أزمات التشغيل بالبلاد. كم سيلزم من الوقت لحركات مماثلة حتى تتمكن من تحقيق مطالبها؟ وهل من الممكن أن تجد أمامها حركات مثل شباب 20 فبراير حتى تستغل الأجواء التي تخلقها وتوظفها الدولة من أجل امتصاص الغضب؟ الواقع يقول أن أطرنا العليا ولجوا الوظيفة بعد معاناة كان مقدرا لها أن تستمر لولى هبوب رياح التغيير من تونس ومصر. وهو المعطى الذي لا يجب أن يغيب عن ذهن الجميع. إننا نشهد اليوم انحراف الحركات الفئوية الضيقة وقابليتها لخلط الأوراق، وانتهاز الفرصة للوصول لغايتها. كما نشهد سقوطها في مكينة الاحتواء التي تعطي للنظام القائم مؤقتا طاقة محدودة للمناورة والبقاء على نهجه عوض الشروع في تحقيق الإصلاحات الهيكلية التي تلاحقه. سينسى المغاربة وجود حركة اسمها حركة الأطر المعطلة، لكنهم بالمقابل سيحفرون في ذاكرتهم اسم حركة ولدها الشارع المغربي بمختلف أطيافه، اسمها حركة 20 فبراير.فهنيئا لكم بعد أن رضخت الدولة لمطلبكم تحت ضغط انبعاث حركة شبابية شمولية من الشارع المغربي هي بالتأكيد المعنية الأولى والأخيرة بكرم وسخاء السلطة . ؟
رغم معارضتي التوظيف المباشر، لانه يحرم الالاف من حاملي الشهادات من حقهم المشروع في التباري بشكل شفاف ونزيه للحصول على وظيفة في الدولة والقطاع العام، فانني لا أملك الا أن أتضامن معكم لانني أعلم أن وعود الحكومة بتسوية ملفكم كاذبة والغاية منها امتصاص غضب الشارع وتشتيت مبادراته الاحتجاجية؟
محمد السلايلي/ الرباط/ 18 فبراير 2011
* بلاغ ابراء الذمة ؟ : رفض كل أشكال التوظيف السياسي لمطالبهم الاجتماعية
** بلاغ شكر وامتنان للحكومة : تثمين جهود حكومة الأستاذ عباس الفاسي ومبادرته الجادة القاضية بتوظيفهم جميعا
COMMENTS