حركة 20 فبراير : الواقع والأفاق

تقوية وتطوير حركة 20 فبراير من أجل خريف المخزن وربيع الديمقراطية   نظمت لجنة المتابعة للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير يوم الجمع...

تقوية وتطوير حركة 20 فبراير من أجل خريف المخزن وربيع الديمقراطية 


نظمت لجنة المتابعة للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير يوم الجمعة 06 يناير 2012 بنادي هيئة المحامين بالرباط لقاءا تواصليا ما بين مكونات المجلس الوطني تحت شعار "من أجل تقوية وتطوير حركة 20 فبراير". وقد هيئت من جهتي مداخلة في الموضوع بهذه المناسبة؛ لكن ضيق الوقت (05 دقائق لكل مساهم/ة في النقاش) لم يسمح لي بعرضها سوى جزئيا. وتعميما للفائدة أقوم هنا بنشر النص الكامل للمداخلة كما وعدت الحضور بذلك:
إن هذا اللقاء التواصلي يأتي أسبوعين قبل اليوم النضالي الوطني الحادي عشر المقرر تنظيمه يوم الأحد 22 يناير المقبل و 3 أسابيع قبل الجمع العام الوطني الرابع لدعم حركة 20 فبراير ــ مع العلم أن الجموع العامة السابقة تمت في 23 فبراير و05 مارس و11 يونيه ــ وستة أسابيع قبل الذكرى السنوية الأولى للانطلاق العملي لحركة 20 فبراير وما سيصاحبها من تحركات نضالية يجب العمل من أجل أن تكون في مستوى الحدث.
لذا، فهذا اللقاء يجب ان يهتم بواقع الحركة، بنقط القوة والضعف التي تطبعها وبالعوامل التي من شأنها أن تقوى الحركة وتطورها. كما سيهتم بالتحضير للجمع العام الرابع للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير وبأسلوب إحياء الذكرى السنوية الأولى للحركة (19 ــ 20 فبراير 2012
لنذكر بداية بأهداف ومقومات حركة 20 فبراير
إن أهداف حركة 20 فبراير ــ تنسيقيات الحركة ومجالس الدعم ــ مجسدة في القواسم المشتركة للأرضيات المؤسسة للحركة ومن ضمنها الأرضية التي تم تقديمها في الندوة الصحفية المنظمة من طرف ائتلاف الهيئات المغربية لحقوق الإنسان بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (وبمشاركة شاب وشابة من حركة 20 فبراير) يوم 17 فبراير 2011.
وتتمثل أهداف حركة 20 فبراير في إسقاط الاستبداد والفساد والقهر والظلم وبناء مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبدون الدخول في تفاصيل مطالب الحركة، يمكن اختزالها في "إسقاط المخزن وبناء نظام ديمقراطي على قاعدة دستور ديمقراطي يؤسس لدولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة واحترام حقوق الإنسان".
إن المقومات الأساسية لحركة 20 فبراير تتجسد في:
ــ طبيعة حركة 20 فبراير كحركة جماهيرية شعبية مفتوحة لكل مكونات الشعب المغربي الساعية إلى تخليص المغرب من العلاقات المخزنية ــ باعتبارها حاجزا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا أمام بناء الديمقراطية الحقيقية ــ وبناء نظام ديمقراطي في المغرب.
ولابد من التأكيد هنا أن الحركة ليست تحالفا ما بين قوى منظمة، وإنما حركة جماهيرية شعبية لا يحق ولا يمكن إقصاء أي كان منها إذا كان يتبنى ويحترم أهدافها.
إن الطابع الجماهيري الشعبي للحركة يقاس ليس فقط بانفتاحها على كافة الفئات الشعبية (عمال وسائر الأجراء، فلاحين، ساكنة الأحياء الشعبية والقرى، طلبة، تلاميذ، مثقفين ديمقراطيين، معطلين، الفئات الوسطى، النساء باعتبارهن نصف المجتمع،) ولكن كذلك بالانتشار النضالي للحركة الذي مس ما يناهز 150 مدينة في فترات مختلفة من ضمنها ما يقرب من 110 نقطة يوم 24 أبريل الماضي.
ــ طبيعة الحركة، كحركة ديمقراطية سواء من حيث هدفها المركزي (إسقاط المخزن وبناء نظام ديمقراطي) أو من حيث منهجية معالجة الخلافات واتخاذ القرارات.
ــ طبيعة الحركة، كحركة تعددية مفتوحة لتنظيمات سياسية ونقابية وحقوقية وشبيبية ونسائية وثقافية وجمعوية أخرى ومفتوحة كذلك لعامة المواطنين/ات غير المنتمين. إلا أن الجميع ملزم بالمنهجية الوحدوية التي تسعى إلى تعزيز وحدة الحركة والتصدي لكل من يريد تقسيمها وبالتالي إضعافها وتمزيقها.
ــ طبيعة الحركة، كحركة مكافحة وسلمية؛ إن الفاعلين داخل الحركة يدركون أن التخلص من المخزن لن يتأتى إلا بالكفاح الطويل النفس، نظرا لتشبث المناصرين للمخزن بمصالحهم وامتيازاتهم وبمنهجيتهم السلطوية في الحكم. ورغم ذلك فالحركة متشبثة بالطابع السلمي لنضالاتها تفاديا لإراقة الدماء وحتى لا تجد القوات الأمنية ذريعة لاستعمال العنف ضد الاحتجاجات الشعبية السلمية.
ــ طبيعة حركة 20 فبراير كحركة مستقلة عن السلطة بل وحتى عن القوى المساندة لها والمشاركة فيها وعن أي تنظيم سياسي أو نقابي أو جمعوي آخر، تستمد مواقفها من ذاتها ومن مصالحها واعتمادا على المنهجية الديمقراطية في اتخاذ القرارات. وإن الاستقلالية لا تعني الحياد السياسي؛ وقد رأينا كيف أن الحركة اتخذت باستقلالية تامة وبعد مناقشات داخلية ديمقراطية قرار عدم الالتقاء بلجنة المنوني وقرار مقاطعة الاستفتاء حول الدستور وقرار الدعوة إلى مقاطعة انتخابات 25 نونبر لمجلس النواب. كما أن الاستقلالية لا تعني البثة نصب العداء للقوى السياسية التي يعمل مناضلوها في صفوف الحركة. بل إن الاستقلالية تفرض الاحترام المتبادل بين مختلف الأشخاص والقوى العاملة في صفوف الحركة رغم الاختلافات الأيديولوجية والخلافات السياسية. وإن الاستقلالية تعد في نهاية الأمر إحدى الضمانات الأساسية لتطور الطابع الجماهيري الشعبي للحركة.
نقط القوة ونقط الضعف لدى حركة 20 فبراير
بالنسبة لنقط القوة يمكن إيجازها في:
ــ استمرارية الحركة لمدة تفوق 10 أشهر رغم القمع الرسمي الممارس من طرف مختلف أجهزة الأمن والاستفزاز والقمع البلطجي وتسخير الإعلام الرسمي لتشويه الحركة والتعتيم الإعلامي عليها ومحاولات الإحتواء والمخططات اليائسة لضرب وحدتها والتشكيك في استقلاليتها وفي الطابع السلمي لتحركاتها والمناورات والتنازلات السياسية والاجتماعية ورغم القرار المفاجئ والوحيد الجانب لجماعة العدل والإحسان بتوقيف نشاطها داخل الحركة.
ــ سقوط جدار الصمت وهاجس الخوف من المحزن بالنسبة لفئات واسعة من المواطنين/ات.
ــ فرض الحركة لتنازلات جزئية مهمة على السلطة.
تمكن الحركة من رد الاعتبار للنضال السياسي الجماهيري حيث إن بلادنا لم تشهد نضالات مثل النضالات الحالية منذ المعركة التاريخية من 1952 إلى 1956 ضد نظام الحماية، وحيث أن النضالات الشعبية امتدت إلى كافة المناطق.
ــ تشجيع حركة 20 فبراير للعديد من القطاعات الشعبية على النضال؛ ومن هنا تلك الحركات النضالية التي تعيشها بلادنا من أجل تحقيق مطالب اجتماعية ملموسة.
ــ إن حركة 20 فبراير قد حررت الطاقات الإبداعية لدى المناضلين/ات وأطلقت سراح جرأتهم وقدراتهم على التفكير والتعبير والتنظيم والنضال. إن المعارك الحالية تشكل منبعا لأطر قادرة على قيادة نضالات شعبنا المقبلة؛ وهذا مكسب عظيم.
ــ إن حركة 20 فبراير تشكلت كحركة جماهيرية شعبية غير نخبوية يقودها في الميدان مناضلون/ات شباب مقتنعون بدور الجماهير الشعبية في التغيير، وهو ما يشكل ضمانة لعدم اقتناص هذه الحركة ونتائجها من طرف محترفي السياسة لفائدة المتسلطين والمستغلين.
بالنسبة لنقط الضعف والنواقص
ــ ضبابية الرؤيا بالنسبة لأهداف ومآل الحركة :هل هي حركة إصلاحية تسعى إلى ترميم الأوضاع مع الحفاظ على النظام المخزني؟ هل هي حركة بنفس ثوري تسعى إلى تخليص البلاد من السيطرة المخزنية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا؟
ــ ضعف أو غياب اهتمام الحركة ببعض النقط الأساسية في برنامجها والتي لها ارتباط وثيق بالنضال من أجل الديمقراطية ويتعلق الأمر بـ:
تغييب قيمة المساواة في الشعار المركزي "حرية، كرامة، عدالة اجتماعية".
النضال من أجل المساواة في كافة المجالات ودون تحفظات بين الرجل والمرأة. ونعني بكافة المجالات، المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا المدنية. وهذا المجال الأخير له أهمية خاصة لارتباطه بقضايا الزواج والطلاق والإرث والجنسية وغيرها من المجالات الحساسة والحيوية بالنسبة لتحرر المرأة.
النضال من أجل إقرار حرية العقيدة كإحدى الحريات الفردية الضرورية لأي نظام ديمقراطي.
النضال ضد الإمبريالية باعتبار أن النضال من أجل الديمقراطية لا يمكن إنجاحه وبلوغ مداه إلا بالنضال ضد الإمبريالية ومن أجل التحرر الوطني؛ وإن النضال ضد الإمبريالية بدوره لا يمكن إنجاحه إلا بإقرار الديمقراطية وإشراك كافة مكونات الشعب في هذا النضال.
ــ ضعف الطابع الشعبي للحركة المتجسد في ضعف التحاق النساء والعمال والطلبة والتلاميذ والمعطلين والفلاحين وساكنة الأحياء الشعبية بالحركة.
ــ اختراق الحركة من طرف قوى وعناصر متقلبة سياسيا بل ومن طرف مناوئين لأهدافها الأصيلة، مما يدنس مصداقيتها في بعض الأحيان.
ــ الضعف (والغموض) التنظيمي الذي يميز الحركة والمتجسد في افتقادها للتنسيق الوطني بين تنسيقياتها المحلية وفي الربط غير المضبوط للعلاقة بين تنسيقيات 20 فبراير والمجالس المحلية للدعم والمجلس الوطني للدعم.
ــ افتقاد الحركة لقيادة ديمقراطية حازمة، نتيجة بالخصوص لضعف التنسيق بين القوى الديمقراطية الحقة العاملة داخل الحركة.
من أجل تقوية وتطوير الحركة
ضرورة تحديد الهدف المركزي للحركة، والذي يمكن تركيزه في شعار: إسقاط المخزن وبناء الديمقراطية على قاعدة دستور ديمقراطي في منهجية بلورته ومضمونه وطريقة المصادقة عليه.
الوضوح على مستوى طبيعة الحركة باعتبارها حركة جماهيرية شعبية تهدف إلى التخلص من النظام المخزني وبناء الديمقراطية وليس تحالفا.
تعديل الشعار المركزي "كرامة، حرية، عدالة اجتماعية" بإضافة مبدأ المساواة ليصبح الشعار هو "كرامة، حرية، مساواة، عدالة اجتماعية".
تجسيد تطوير مقومات الحركة خاصة منها الطابع الجماهيري الشعبي مما يفترض تقوية التواجد داخل الحركة لمختلف الفئات الشعبية:
النساء، عبر الدفاع الحازم عن حقوق المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة في كافة المجالات وعبر تشكيل شبكة نساء 20 فبراير.
العمال والأجراء، عبر تشكيل شبكات نقابيي 20 فبراير داخل مختلف المركزيات المناضلة على مستوى المناطق في كل مركزية مناضلة على حدى وفي مجموع هذه المركزيات بعد ذلك.
الطلبة والتلاميذ والمعطلين عبر الاهتمام بمشاكلهم ومطالبهم ودعمها وعبر تشكيل شبكات طلبة 20 فبراير وتلاميذ 20 فبراير ومعطلي 20 فبراير.
الفلاحين، عبر الاهتمام بمشاكلهم ومطالبهم ودعمها وعبر تشكيل شبكات فلاحي 20 فبراير.
ساكنة الأحياء الشعبية، عبر الاهتمام بمشاكلهم ومطالبهم ودعمها وعبر تشكيل لجان الأحياء الشعبية لحركة 20 فبراير.
وتمر تقوية الطابع والجماهيري الشعبي كذلك عبر:
ــ ربط حركة 20 فبراير بالحركات الاجتماعية التي تعمل على هامشها والتي لها عدد من نقط التماس مع الحركة.
ــ توسيع تواجد الحركة بكل المدن الكبرى والمتوسطة والصغرى وحتى للقرى الكبيرة، مما يتطلب العمل على التواجد والخروج في 150 إلى 200 نقطة بالمغرب خلال الأيام النضالية الوطنية بالخصوص.
ــ تقوية روابط حركة 20 فبراير بالحركات الاجتماعية التي أصبحت تتحرك بقوة إلى جانبها والتي لها عدد من نقط التماس معها؛ إضرابات العمال وفئات الأجراء الأخرى، الاحتجاجات من أجل التشغيل، الاحتجاجات الطلابية والتلاميذية والاحتجاجات الشعبية الأخرى ضد الغلاء، من أجل الصحة والسكن والتعليم وضد الرشوة والفساد والانفلات الأمني،...
تحيين وتدقيق مطالب الحركة بمكونيها الأساسيين، التنسيقيات وهيئات الدعم. وبالنسبة للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير يجب تطوير بيان 11 يونيه ( الصادر عن الجمع العام الثالث للمجلس الوطني) من خلال البيان الختامي الذي يمكن أن يصدر عن الجمع العام الرابع.
الوضوح والقوة التنظيمية
إن البنيان التنظيمي لحركة 20 فبراير مؤسس على هياكل ثلاثة أساسية هي تنسيقيات 20 فبراير والمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير والمجالس أو التنسيقيات المحلية لدعم حركة 20 فبراير. وإن الوضوح التنظيمي يستوجب توضيح مهام هذه الهياكل والعلاقات فيما بينها.
ــ إن تنسيقيات 20 فبراير هي أول تنظيم ظهر في إطار هيكلة 20 فبراير وهي التي أشرفت على أول التظاهرات يوم 20 فبراير.
ويشارك المناضلون/ات بشكل فردي في هذه التنسيقيات التي تتخذ قراراتها في إطار جموعات عامة لأعضائها بعد المناقشة ووفقا للتوجه العام.
إن الإشكال الأساسي الذي ظل مطروحا بالنسبة للتنسيقيات هو هل هي إطارات محصورة على شبان وشابات 20 فبراير (تنسيقيات شباب 20 فبراير) أم هي إطارات مفتوحة لسائر مناضلي/ات حركة 20 فبراير مهما كان سنهم (تنسيقيات 20 فبراير)
ويبدو أن هذا الإشكال حسم تدريجيا حيث أصبحت تنسيقيات 20 فبراير مفتوحة لسائر المناضلين/ات بغض النظر عن فئتهم العمرية وإن كان الشباب ــ وهذا شيء إيجابي ــ هو المكون الرئيسي لهذه التنسيقيات ويتواجد فيها بشكل قوي وفعال.
وللإشارة، ليس هناك تنسيق وطني لحد الآن ما بين مختلف التنسيقيات، اللهم ذلك التنسيق عبر نقاشات الأنترنيت.
ــ إن مجالس أو تنسيقيات الدعم المحلية لحركة 20 فبراير برزت بعد تنسيقيات الحركة وذلك بإيعاز وتحفيز من المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير. وتكون مجالس وتنسيقيات الدعم من فروع التنظيمات الوطنية ومن التنظيمات المحلية المدعمة لحركة 20 فبراير. وقد حدد دورها في الدعم السياسي والمادي لتنسيقيات 20 فبراير وفي تحفيز مناضلي/ات الهيئات المكونة لها على المشاركة الفردية في تنسيقيات 20 فبراير مع الحفاظ على مقومات الحركة السالف ذكرها.
السؤال المطروح: هل يمكن الاستغناء عن مجالس الدعم المحلية؟ إن هذا ممكن. بل في الواقع نجد أنفسنا في بعض المناطق أمام تنسيقيات 20 فبراير دون أن نجد إلى جانبها مجالس أو تنسيقيات للدعم. وفي هذه الحالة، وبما أن الطبيعة تكره الفراغ، نجد داخل تنسيقيات 20 فبراير تنسيق داخلي بين بعض القوى السياسية والنقابية والحقوقية وغيرها يقوم بشكل ضمني مقام مجلس الدعم المحلي.
ورأيي الشخصي هو أن وجود مجالس وتنسيقيات الدعم المحلية مسألة إيجابية بالنسبة للحركة ككل، وما يطرح هو تفعيلها بشكل أقوى وعلى أسس ديمقراطية وبمراعاة الصلاحيات المتبادلة لتنسيقيات 20 فبراير وهياكل الدعم وبما يخدم التفاعل الإيجابي بين هذه الهياكل
ــ إن المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير يتكون من:
التنظيمات الوطنية ــ السياسية والنقابية والحقوقية والشبيبية والنسائية والثقافية والجمعوية الأخرى ــ المتفقة على أهداف الحركة والمستعدة لدعمها والمشاركة فيها.
مجالس وتنسيقيات الدعم المحلية.
بعض الفعاليات الحاضرين بشكل شخصي كملاحظين.
لقد تم التخطيط لتأسيس المجلس الوطني للدعم يوم 20 فبراير مساء بعد النجاح الكبير الذي عرفه انطلاق الحركة. وقد تم عقد أول جمع عام للمجلس الوطني للدعم يوم 23 فبراير وثاني جمع عام يوم 05 مارس وثالث جمع عام يوم 11 يونيه حيث صادق على وثيقتين مهمتين هما البيان الختامي الذي حدد المطالب الأساسية لمجلس الدعم وعلى ورقة "مرتكزات لعمل المجلس". ونحن مقبلون قريبا على عقد الجمع العام الرابع للمجلس الوطني الذي سيشارك فيه لأول مرة ممثلو/ات التنظيمات الوطنية العضوة فيه والمجالس والتنسيقيات المحلية للدعم وبعض الفعاليات؛ وقد يشارك فيه كذلك ممثلون/ات عن تنسيقيات 20 فبراير.
وللتذكير، فإن دور المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير محدد في:
الدعم السياسي والمادي لحركة 20 فبراير ككل، وفي مقدمتها فضح الانتهاكات التي تتعرض لها الحركة ومؤازرة الضحايا.
الدفع لمشاركة مناضلي/ات مكوناته في تنسيقيات الحركة وفي النضالات المقررة من طرفها.
السهر على احترام مقومات الحركة من طرف القوى المشاركة فيها والداعمة لها.
تجسيد الطابع الوحدوي الوطني للحركة وهو ما يتجلى بالخصوص في مواقفه وفي مبادراته للإعلان عن الأيام النضالية الوطنية (10 لحد الآن) على أساس ما تتبناه تنسيقيات 20 فبراير من مبادرات.
هل يمكن الاستغناء عن المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير؟
بعض الأصوات القليلة ــ ارتكازا على بعض نقط الضعف في عمل المجلس الوطني الموجودة فعلا والتي لا بد من تجاوزها ــ تعتبر أن هذا المجلس يعرقل أداء ومسار حركة 20 فبراير (دون إعطاء تعليل مقنع لهذه المزاعم) وتطالب بالتخلص منه.
إن هذا الموقف غير مسؤول وغير مقبول في الشروط الحالية، وإن التجاوب معه يشكل ضربة قاتلة لحركة 20 فبراير ككل حيث سيحرمها من الأداة الوحيدة التي ترمز لوحدتها لحد الآن والتي تمكن من اتخاذ مبادرات لها بعد وطني.
على المستوى النظري يمكن الاستغناء عن المجلس الوطني للدعم إذا توفرت الشروط التالية:
حل مجالس وتنسيقيات الدعم المحلية وانصهار نشاطها في تنسيقيات 20 فبراير.
فرز التنسيقيات المحلية لـ20 فبراير لقيادات محلية ولممثلين لها على المستوى الوطني.
اجتماع هؤلاء الممثلين على المستوى الوطني في إطار هيكل قد يسمى بالمجلس الوطني لتنسيقيات حركة 20 فبراير.
إننا مازلنا بعيدين عن توفير هذه الشروط، إن كانت مطلوبة فعلا. ولهذا فالحفاظ على المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير وتقويته وتطوير أدائه تعد مسألة حيوية بالنسبة للحركة ككل، وهذا ما يجب أن ينصب عليه الجمع العام الرابع للمجلس الوطني الذي يجب مراجعة العضوية داخله وفقا لممارسة المكونات التي التحقت به في 05 مارس الماضي ولمدى الوفاء بالتزامات العضوية. كما يطرح على الجمع العام تدقيق وتطوير مطالب المجلس الوطني وآليات اشتغاله. وأخيرا يطرح على الجمع العام فرز لجنة للمتابعة قوية وقادرة على تحمل المسؤوليات التي سيكلفها بها الجمع العام المقبل. وعلى لجنة المتابعة بدورها السهر على تشكيل لجان وظيفية فاعلة لمساعدتها على القيام بمهامها وفي مقدمتها لجنة حقوقية لتتبع الخروقات ومؤازرة الضحايا، لجنة للمالية والدعم، لجنة الأنشطة الإشعاعية، لجنة للتنظيم والتواصل مع التنسيقيات المحلية وهيئات الدعم المحلية،...
الاستراتيجية النضالية لحركة 20 فبراير
دون الإطالة في هذا المجال سأكتفي بالإشارة إلى نقطتين أساسيتين:
ــ الحركة اختارت سبيل النضالات (وقفات، مسيرات،...) في كل مكان ولم تتجاوب مع النزعة والنداءات إلى مركزه النضال في مدينة محددة واستنساخ تجربة ميدان التحرير، وذلك نظرا للظروف العامة وللمتغيرات التي عرفها الحراك على مستوى العالم العربي بعد الانتصار المفاجئ للثورتين التونسية والمصرية.
ــ الحركة اختارت نهج النضال السلمي الطويل النفس، لكن مع تقوية طابعها الكفاحي وتنويع أساليبها النضالية.
ــ أعتقد أن هذه الاستراتيجية صحيحة ويجب طبعا تدقيقها وتطويرها خاصة عبر العمل على انصهار مختلف الحركات النضالية الاجتماعية ــ التي تصاعدت بشكل كبير مؤخرا ــ في حركة 20 فبراير.
تطوير إعلام الحركة وأنشطتها الإشعاعية
إن حركة 20 فبراير أصبحت تعاني من تعتيم إعلامي خطير ومن حملات لتشويه مواقفها ونضالاتها تستهدف مصداقيتها ووحدتها لهذا لابد من القيام بالمجهود الضروري للتمكن من تسويق صورة موضوعية عن واقع الحركة ونضالاتها سواء عبر الإعلام الخاص بالحركة (تنسيقيات وهيئات داعمة) أو في إطار الإعلام العمومي الذي يجب أن نفرض انفتاحه على الحركة.
كما على الحركة أن تقوم بأنشطة إشعاعية للتعريف أكثر بالحركة، بأهدافها ومطالبها ووسائل عملها.
أي مشاركة للقوى الإسلامية والاجتماعية الديمقراطية (sociaux-démocrates) في تنسيقيات 20 فبراير ومجالس الدعم؟
من المعلوم أن تنسيقيات حركة 20 فبراير وكذا مجالس الدعم ظلت مفتوحة، ليس فقط للقوى الديمقراطية المناهضة بشكل صريح للمخزن والتي تكافح من أجل ديمقراطية حقيقية ببلادنا، ولكن كذلك لبعض القوى الإسلامية (حزب الأمة، البديل الحضاري، العدل والإحسان) ولتيارات المناضلين/ات التقدميين داخل الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية (sociaux– démocrates) كحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي. وكان هناك شرط واحد للانتماء لحركة 20 فبراير بتنسيقياتها وهياكل الدعم، هو الاتفاق على الأرضية التأسيسية للحركة.
ومع المواقف الجذرية التي اتخذتها الحركة ــ مقاطعة الاستفتاء والانتخابات بالخصوص ــ وتطورها بدأ نوع من الفرز داخلها حيث تخلفت عدد من القوى عن مواكبة الحركة وكذا بعض ما سمي بالمستقلين. كما أن جماعة العدل والإحسان أعلنت هي الأخرى بشكل مفاجئ وأحادي الجانب عن توقيف نشاطها داخل الحركة.
وما أريد التأكيد عليه هنا هو أن وحدة الحركة وتوسعها ــ على أساس أرضيتها التأسيسية وعلى أساس المواقف المتخذة بشكل جماعي ــ هو عامل أساسي لبلوغ أهدافها. ولا يمكن البثة التعبير عن الغبطة عند افتقاد الحركة لهذا المكون أو ذاك الملتزم بأهدافها وبمواقفها.
وبالمقابل إن الحركة بجناحيها (تنسيقيات 20 فبراير وهياكل الدعم) يجب أن تظل مفتوحة:
فبالنسبة للتنسيقيات، إن أي مناضل(ة) له الحق في التحاق بها كشخص باعتبار أن حركة 20 فبراير هي حركة جماهيرية شعبية لا يمكن إقصاء أحد منها، باستثناء من ثبت دوره التخريبي للحركة.
وبالنسبة للانخراط في مجالس الدعم فيقبل فيها كل من يصادق ويلتزم بأهدافها وبرامجها.
الأفاق النضالية والتنظيمية للحركة.
اليوم النضالي الوطني 11 للحركة: لا شك أنه سيتم يوم الأحد 22 يناير القادم وهو ما سيعلن عنه من طرف لجنة المتابعة للمجلس الوطني للدعم يوم 09 يناير المقبل. وعلينا أن نعمل على إنجاحه بقوة كمقدمة لإنجاح الذكرى السنوية الأولى لانطلاق حركة 20 فبراير.
اليوم النضالي الوطني 12 والذكرى السنوية الأولى لحركة 19 ــ 20 فبراير.
ما سنقوم به في هذه المناسبة يجب أن يكون ناجحا ويعطي نفسا جديدا ودفعة قوية للحركة. فلا حق لنا في الفشل في هذه المحطة.
لقد طرحت فكرة التنظيم بهذه المناسبة لمسيرة وطنية ممركزة بالرباط يوم الأحد 19 فبراير وكذا فكرة الإضراب العام الوطني يوم 20 فبراير.
وأعتقد شخصيا أن هذا المقترح في شقيه غير واقعي وحظوظ نجاحه في الواقع ضعيفة باعتبار أن عدد المشاركين/ات من مختلف المناطق لن يكون في المستوى نظرا لما يتطلبه ذلك من إمكانيات مادية؛ وأن السلطة والقوى الداعمة لها يمكنها إفشال هذه المبادرة بوسائلها المعهودة.
كما أعتقد أن الإعلان عن تنظيم الإضراب العام يوم 20 فبراير في غياب احتضانه من طرف أي مركزية نقابية ــ وهذا هو الاحتمال الوارد ــ سيؤدي حتما إلى فشله وإلى ضرب مصداقية الحركة.
لذلك أعتقد أن البديل النضالي الواقعي يتجسد في:
أولا، التنظيم بمناسبة اليوم النضالي الوطني 12 (الأحد 19 فبراير) لمسيرات محلية بكافة المدن والقرى التي سبق لحركة 20 فبراير أن خرجت فيها ويتعلق الأمر بأكثر من 150 نقطة. وقد يتم تنظيم هذه المسيرات تحت شعار يتمحور مضمونه حول "لا للمحزن، نعم للديمقراطية".
ثانيا، إعلان يوم 20 فبراير كيوم للغضب ضد المخزن، ضد الاستبداد والفساد ولا بد من التفكير بشكل إبداعي في الأشكال النضالية التي يجب تنظيمها مركزيا ومحليا خلال هذا اليوم.
إنجاح الجمع العام الرابع للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير المقرر عقده في نهاية هذا الشهر وهو ما يستوجب:
ــ الحضور المكثف لممثلي/ات التنظيمات الوطنية المتشبثة بأهداف الحركة ومواقفها الثابتة ولممثلي/ات اللجان والتنسيقيات المحلية للدعم.
الحضور كملاحظين لبعض الفعاليات الشخصية وكذا ممثلين/ات عن بعض تنسيقيات 20 فبراير.
ــ بالنسبة لشعار الجمع العام يمكن الاحتفاظ بشعار هذا اللقاء التواصلي: "من أجل تقوية وتطوير حركة 20 فبراير".
ــ الإعداد لإصدار بيان ختامي متقدم ولتطوير أرضية "مرتكزات لعمل المجلس" ولفرز لجنة للمتابعة قوية.
لا شك أن حركة 20 فبراير، وهي على مشارف إنهاء السنة الأولى بعد انطلاقها، تعيش منعطفا بعد استكمال الدورة السياسية الناتجة عن مبادرات المخزن الاستراتيجية: تعديل الدستور، انتخابات مجلس النواب وتنصيب حكومة بقيادة حزب إسلامي مدعم للعلاقات المخزنية.
وإن تقوية وتطوير حركة 20 فبراير من شأنه أن يعطي دفعة قوية لمسلسل التغيير ببلادنا في هذه المرحلة التي نريدها كخريف للمخزن وربيع الديمقراطية ببلادنا.
عاشت حركة 20 فبراير
عــــــــاش الشــــعـــــب

عبد الحميد أمين
مناضل في حركة 20 فبراير
 (الرباط 6 يناير 2012)
ردود

"تفاعلا مع وجهة نظر السيد عبد الحميد الأمين"

معالم الهوية الكفاحية والاستراتيجية لحركة 20 فبراير ومحاذير الإجهاز عليها
تزامن صدور مقال للسيد عبد الحميد أمين في موقع هسبريس، مع نقاش عبر مائدة مستديرة نظمتها حركة 20 فبراير بمكناس حول "الوضع السياسي بالمغرب وآفاق الحركة"، ولأن الأفكار الكبرى للمقال كانت محط عرض حتى في هذه المائدة المستديرة، ولأن لا مصلحة لأحد من المناضلين الشرفاء وأحرار الشعب المغربي من أن يصاب هذا الحراك الشعبي الذي تقوده حركة 20 فبراير بعطب يعيق مسيرته، فإن مقالنا هذا سيكون بمثابة حوار مفتوح حول ما جاء في مقال السيد عبد الحميد أمين نقاشا وتفاعلا بغية إظهار وجهات نظر أخرى تفاديا لتسييد وجهة نظر معينة في النقاش الدائر حول آفاق حركة 20 فبراير.
مقدمات نظرية وتأسيسية في الهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير
إن تصدير هذه المقدمات يهدف إلى تأطير المقال بخلفيته التصورية للمعالم الكبرى للهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير، حتى يسهل التواصل حول الأفكار والمقترحات.
المقدمة الأولى: حركة 20 فبراير حركة اجتماعية
تنطلق من عمق المعاناة الشعبية الاجتماعية التي هي نتيجة هذه السياسات الرسمية اللاشعبية، فهي تناضل من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية وإقرار سياسات عمومية عادلة ووقف زحف هذه السياسات اللاشعبية الرسمية على المواطن وقوته اليومي وقدرته الشرائية.
المقدمة الثانية: حركة 20 فبراير حركة سياسية
تعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية هي نتيجة وضع سياسي ودستوري سمته الرئيسة طغيان استبداد المخزن وفريق عمله وتفشي الفساد العمومي، وبالتالي فهي تضع ضمن أمهات أولوياتها كنس الاستبداد واجتثاث الفساد من جذوره، وبالتالي فتناقضها الرئيسي هو مع المخزن وسياساته اللاشعبية واللاديمقراطية، على اعتبار أنه مركز الاستبداد ورمزه ومنتجه.
المقدمة الثالثة: حركة 20 فبراير حركة شعبية جماهيرية
تنطلق من الهموم والقضايا الرئيسة للشعب المغربي، لتبلورها عبر مطالب وشعارات يكون الشارع هو وعاء التعبير عنها والنضال من أجل انتزاعها، الانخراط في حركة 20 فبراير لا ينتظر إذنا من أحد، والإسهام في قرارات جموعها العامة مفتوح على كل من اقتنع بمطالبها واستراتيجيتها النضالية الميدانية في الشارع.
المقدمة الرابعة: حركة 20 فبراير حركة ميدانية
لغتها الشعارات واللافتات والبيانات، أداتها التظاهرات والاعتصامات والوقفات والمهرجانات، مقرات أنشطتها الرئيسة الشارع، لا ينطق باسمها أحد لأنها ليست تنظيما سياسيا مهيكلا، لا تفاوض أحدا لأنها حركة مطالبية تنتهي حين تتحقق كل مطالبها.
المقدمة الخامسة: حركة 20 فبراير حركة ديمقراطية
قراراتها تتخذ بشكل ديمقراطي عبر آلية الجموع العامة.
المقدمة السادسة: حركة 20 فبراير حركة وحدوية
تحرص على الوحدة الكفاحية لجسدها النضالي، وهذه الوحدة تتقوى بقدر التنوع البناء لمكوناتها بمختلف مشاربهم الفكرية والإيديولوجية والسياسية، وبقدر احترام مسافة الاستقلالية على مستوى اللون الايديولوجي أو السياسي لها، فهي حركة لا لون لها ولا طعم سوى اللون المناقض للاستبداد والطعم المتذوق للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
في نقاش المحاذير والآفاق والاستراتيجية
على قاعدة هذه المقدمات المحددة للمعالم الكبرى للهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير، يحق لنا أن نتسائل بعد مرور قرابة السنة على انطلاق شرارة الحراك الشعبي الذي قادته حركة 20 فبراير بالمغرب، لماذا لم ينتقل هذا الحراك الشعبي بالمغرب من ديناميته الاجتماعية والسياسية ذات النفس الثوري، إلى حالة ثورية مكتملة؟، وهل العيب في عدم انتقاله أم العيب في استمراره على هذه الوتيرة الحركية الميدانية؟ وما هي المحاذير التي ينبغي تجنبها في تقديرنا حتى لا يتم القضاء على هذا الحراك الشعبي الذي تقوده حركة 20 فبراير؟
في وعي المرحلة وطبيعة ومتطلبات الحراك الشعبي بالمغرب
ليس الحراك الشعبي بالمغرب إلا وليد سياقه الإقليمي، فهو تنفس من رياح الثورة لكنه لم يصل إلى درجة التأثر المباشر (مثال تونس مع مصر)، وهو وإن كان تأثر بنسيم هذه الرياح الثورية لكن لم يتخذ صورتها الكلية لاعتبارات نجملها في:
   التجاوب المتأخر للقوى الداعمة للحراك مع الزخم الشعبي الذي أتى به هذا الحراك منذ 20 فبراير، وتعدد أطروحات هذا التجاوب الذي عكس قدرا منخفضا في التعامل الناضج لاستثمار تلك اللحظة، ولنتذكر أنه في تلك الآونة تقدمت العديد من الأطروحات بدون حصول مبادرات جامعة لها (مبادرة المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير، بيان التغيير الذي نريد، ائتلاف الملكية البرلمانية الآن...)؛
  التعامل المتقلب والانتهازي أحيانا لبعض القوى السياسية مع زخم هذا الحراك الشعبي؛
 . محاولات المخزن لتهدئة هذا الحراك واحتواء بعض القوى التي كانت لها قابلية في ذلك والاستجابة التقسيطية لبعض مطالبه؛
وإذن ظل هذا الحراك الشعبي حاضرا بقوة وبنفس ثوري لكن لم يرق في فعله وزخمه إلى حالة ثورية بتطلعات أخرى، وعلى هذا الأساس بدأت تتجلى معالم الهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير القائدة لهذا الحراك الشعبي، فهل يمكن اعتبار ذلك إشارة سلبية وعيبا في هذا الحراك؟
ينبغي الإشارة هنا حفظا للذاكرة أن ما قبل ربيع هذه الثورات مختلف تماما على ما بعده على مستوى أجندة النضالات وأشكالها وعناوينها، وهذا ملمح أساسي للتحول النوعي الذي أحدثته هذه الثورات ولو عن بعد.
نتذكر جميعا عناوين نضالية كانت بالأمس تشكل قمة النضج في ما راكمه الوعي التغييري مع واقع الاستبداد، " إصلاح دستوري وسياسي بأفق ملكية برلمانية، توازن السلطات بين الملك والحكومة والبرلمان، الانتقال الديمقراطي..." وعناوين انبطاحية محافظة تدافع باستماتة عن النظام القائم وتدفع في اتجاه التصدي لكل محاولة إصلاحية له، تتعامل بلغة الإشارات بتصويتاتها على الدساتير الممنوحة وتقبل بأنصاف الحلول في أحسن أحوالها وتعتبر أن مفتاح الإصلاح قد يكون اقتصاديا واجتماعيا، وفي أسوأ أحوالها تعتبر أن نظام الملكية التنفيذية القائم هو صمام أمان البلاد.
هذه المرحلة انتهت إلى غير رجعة بسبب ربيع الثورات ونسماتها التي هبت على بلادنا وأعطت لنا حراكا شعبيا قادته حركة 20 فبراير.
إن المتأمل في هذا التحول يستطيع بدون حرج أن يعترف أن هذا الحراك الشعبي حولنا ب"سرعة ضوئية" ليحرق سنين وسنين من النضال الرتيب الذي تكون نتائجه ديمقراطية الجرعات، والتدرج على التدرج في الوصول إلى مرحلة الانتقال الديمقراطي ثم الديمقراطية. الآن ارتفع سقف المطالب وأضحى عنوان الديمقراطية الآن هو المشروع بقوة الشارع، وبات اجتثاث الفساد من جذوره هو المطلب الاستعجالي، وأصبح القطع الجدري مع الاستبداد من أولى الأولويات ذات الطابع الفوري والمستعجل.
وإذن من النتائج الإيجابية التي أتى بها الحراك الشعبي بالمغرب بقيادة حركة 20 فبراير ولازال يأتي والتي يمكن تسجيلها فهي:
 . التحول على مستوى الوعي بمتطلبات المرحلة والقطع مع المطالب التقسيطية بالجرعات بدعوى التدرج والتي كانت نتيجة مرحلة رجحت فيها موازين قوى معسكر الاستبداد على حساب معسكر الإصلاح والتغيير المختلة آنذاك، فلا مجال الآن للتكيف مع الاستبداد ولا لإجراء تسوية معه تحت دعاوى مزاحمته ومدافعته؛
 . تحطيم جدار الخوف وانتزاع الحق في التظاهر وظهور قوة الشارع في إحداث التغييرات المنشودة وتحول نوعي في موازن القوى لصالح الحراك الشعبي وقواه الداعمة وحركة 20 فبراير القائدة له؛
 . استجابة تقسيطية لمطالب الحراك الشعبي في المجالات السياسية والدستورية والحقوقية والاجتماعية وإن لم ترق إلى المستوى المنشود لكنها تظل نتيجة إيجابية بالنظر إلى نتائج مرحلة ما قبل ربيع الثورات؛
 . القدرة على الاستمرار الميداني والنضالي في الشارع لمدة سنة، وهذه القدرة تشكل في حد ذاتها نقطة قوة هذا الحراك الشعبي، ذلك أن الانتفاضات الشعبية السابقة لم تكتب لها الاستمرارية إذ سرعان ما تعرضت لقمع مخزني شرس وكان ذلك في سياق إقليمي ومحلي مغاير في طبيعته على سياق ربيع الثورات الراهن.
في استقراء استراتيجية الحراك العفوية
على ضوء التقاط هذه النتائج الإيجابية، هل يمكن اعتبار الحراك الشعبي بالمغرب ذو طبيعة سلبية فقط لأنه لم يتمكن من الانتقال إلى حالة ثورية؟
إن التقاط النتائج الإيجابية السالفة الذكر يمكننا من استقراء استراتيجية هذا الحراك الشعبي العفوية التي سطرها لذاته منذ انطلاقته، والتي تشكل نقطة قوته ومركز ثقل تأثيره النضالي على الوقائع السياسية وعلى القرارات الكبرى للمخزن، ولنتأمل الوتيرة التي تعامل معها المخزن في محاولاته للتهدئة رغم اقتناعنا بأنها مجزءة وتقسيطية ولا تلبي المطلوب والمنشود، "الإسراع بإصلاح دستوري فيه بعض الإيجابيات في مضامينه وكثير من المعيقات نحو دفع مستحقات الدمقرطة الحقيقية للدولة، إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين، الرفع من الأجور، إصدار مرسوم وزاري للتوظيف المباشر للمعطلين حاملي الشهادات"، وكانت كل هذه المبادرات في ظرف جد وجيز.
هذه الاستراتيجية تقوم على ثلاث قواعد رئيسة:
القاعدة الأولى: استمرارية الحراك الشعبي بنفسه الثوري، وعلى نفس\أرضية مطالبه السابقة المتمثلة في الدستور الديمقراطي شكلا ومضمونا (في حده الأدنى ملكية برلمانية)؛
القاعدة الثانية: إنهاك المخزن وفريق عمله على المدى القريب أو المتوسط، وذلك بإفشال كل محاولاته للتهدئة والاحتواء والتفخيخ الداخلي للحركة والاستجابة التقسيطية التي هدفها المناورة والتماطل، حتى دفعه كل مستحقات الانتقال إلى الديمقراطية دستوريا وسياسيا وحقوقيا واجتماعيا.
القاعدة الثالثة: التجنب الكلي والصارم لمحاذير الإجهاز على هذا الحراك الشعبي كليا، ذلك أنه لهذا الحراك نتائج إيجابية ملموسة وأهمها القطع مع مرحلة ما بعد ربيع الثورات وعيا وفعلا وممارسة، والتحول النوعي في ميزان القوى لصالح معسكر الإصلاح ولصالح الشعوب عموما، فما هي هذه المحاذير؟
في محاذير القضاء على الحراك الشعبي
إن الوقوع عن وعي أو عن غير وعي في هذه المحاذير التي سنأتي على ذكرها لن يعرقل استمرار الحراك الشعبي فحسب بل سيقضي على كل هذه العروق النابضة التي تسري في شريان جسمه وجسم حركة 20 فبراير الذي تقوده ومكوناتها الداعمة لها، وبالتالي فتجنبها يعني الحيلولة دون أن يستعيد المخزن كل مبادرته وميزان قواه من جديد ويمكن إجمالها في التالي:
1. المحذور الأول: انحراف الهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير وحدوث تشوهات على مستوى وضوح التناقض الرئيسي مع المخزن وفريق عمله وسياساته اللاشعبية
واللاديمقراطية، فالمستهدف في نضالات الحركة هو الاستبداد المخزني ومنتوجه الرئيسي المتمثل في الفساد العمومي، وأي انحراف على مستوى هذا التناقض الرئيسي يجعل من الحراك الشعبي حراكا آخر غير الحراك الشعبي ومن حركة 20 فبراير شيئا آخر غير حركة 20 فبراير؛
2. المحذور الثاني: الإعلاء من شأن بعض التناقضات الثانوية الداخلية التي نقر بوجودها بين المكونات الداعمة للحركة، على حساب التناقض الرئيسي الواضح المتمثل في الاستبداد المخزني والفساد العمومي الناتج عنه، والذي تبين من خلال المطالب الرئيسة التي أعلنت عنها حركة 20 فبراير منذ بداية الحراك الشعبي؛
3. المحذور لثالث: اصطباغ الحراك الشعبي وحركة 20 فبراير الذي تقوده بلون إيديولوجي أو سياسي معين قائم على أساس مرجعي واحد أو عرقي أو آفاقي (اصطباغ الحركة بسقف أفقي واحد على حساب تعدد الأسقف الآفاقية التي تلتقي حول الدولة الديمقراطية والمدنية)؛
4. المحذور الرابع: تمليك الحراك الشعبي وحركة 20 فبراير الذي تقوده لأحد المكونات بدعوى أسبقيته النضالية فيها، واعتبار الآخرين ضيوفا أو وافدين أو ملتحقين اقتضاء.
في ملامح تفعيل استراتيجية الحراك الشعبي العفوية
على أساس قاعدتي الارتكاز التي تقوم عليهما استراتيجية الحراك الشعبي العفوية (استمرارية النضال الميداني وإنهاك المخزن)، نقترح بعض الخطوات في تفعيل هذه الاستراتيجية:
 1.إبداع أشكال جديدة في التعبئة وإغراء الشعب لمعانقة الشارع والالتحاق بالحراك الشعبي ومنها إيجاد صيغ نضالية مشتركة في الميدان لدعم نضالات العمال والمعطلين وكل الفئات القطاعية وعائلات المعتقلين السياسيين والمظلومين والمتضررين من الخدمات العمومية في السكن والصحة والتعليم...؛
2. مواجهة كل ما يشاع عن الحركة ويستهدف النيل من هويتها الكفاحية والنضالية وضرب مصداقيتها ومصداقية مناضليها، وهذه المواجهة تقتضي من نشطائها أيضا الكف عن إرسال أية إشارات خاطئة أو ملبسة على هذه الهوية الكفاحية وذلك بالالتزام الصريح بلونها الوحيد المناقض للاستبداد وبطعمها الوحيد المتذوق للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في أبعادهم العامة والمجتمعية؛
3. تركيز برنامج حد أدنى في المطالب الرئيسة التي أعلنت عنها حركة 20 فبراير انطلاقا من أرضياتها التأسيسية، وتجنبا لهذا التعدد في الأرضيات، وصياغة أرضية حد أدنى مشتركة، وهذه المهمة قد تضطلع بها المكونات الداعمة للحركة؛
4. تفعيل الجبهة السياسية المشتركة المدعمة للحراك الشعبي الذي تقوده حركة 20 فبراير من خلال العمل على انتظامية حواراتها وتفعيل قنوات تواصلها وأشكالها النضالية المشتركة الموازية والمدعمة لأنشطة حركة 20 فبراير.
خلاصات تأسيسية
الخلاصة الأولى في الهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير
فهي حركة اجتماعية سياسية تناقضها الرئيسي مع المخزن وفريق عمله وسياساته اللاشعبية واللاديمقراطية، جماهيرية شعبية لأن موضوعها هو القضايا الكبرى للشعب لأنها تنطلق منها لتترجمها إلى مطالب ميدانية في الشارع ومرتكزها في النضال هو الشعب، ميدانية فهي ليست تنظيما سياسيا مهيكلا ومقر أنشطتها الرئيسي هو الشارع، لا يفاوض باسمها أحد ولا تفاوض أحدا، ولا ينطق باسمها أحد، ديمقراطية تعتمد آلية الجموع العامة في الحسم في قراراتها ووحدوية تقر بالتنوع البناء في إطار وحدتها الكفاحية والنضالية.
الخلاصة الثانية في طبيعة الحراك الشعبي بالمغرب
الحراك الشعبي بالمغرب هو ذو نفس ثوري رغم أنه لم يبلغ الحالة الثورية، ومن ثم فاعتباره ذو نفس ثوري لا ينقص من قيمته على اعتبار أن استراتيجيته العفوية تقوم على قاعدة استمرارية النضال الميداني في الشارع من جهة وعلى الرهان على إنهاك المخزن وفريق عمله على المدى القصير والمتوسط من أجل أن يدفع كل مستحقات الانتقال إلى الديمقراطية على مستوى كل المجالات المجتمعية.
الخلاصة الثالثة في محاذير القضاء على هذا الحراك الشعبي
وأجملناها في أربع محاذير أولها تتعلق بالهوية الكفاحية لحركة 20 فبراير القائدة لهذا الحراك الشعبي ومنها تجنب حصول انحراف على مستوى جهة تناقضها الرئيسي الذي هو المخزن وفريق عمله وسياساته اللاشعبية واللاديمقراطية، وثانيها الإعلاء القسري من شأن بعض التناقضات الثانوية بين المكونات والتوجهات داخل الحركة على حساب التناقض الرئيسي المتمثل في الاستبداد المخزني وناتجه الرئيسي المتمثل في الفساد العمومي، وثالثها اصطباغ جسم حركة 20 فبراير بلون أيديولوجي أو سياسي معين قائم على أساس مرجعي أو عرقي أو آفاقي، ورابعها تمليك الحراك الشعبي وحركة 20 فبراير الذي تقوده لأحد المكونات بدعوى أسبقيته النضالية فيها.
الخلاصة الرابعة في تفعيل استراتيجية استمرار الحراك وإنهاك المخزن
وتقوم أساسا على ضرورة الالتحام مع نضالات كل الفئات الشعبية المتضررة سواء نقابيا أو سكانيا أو خدماتيا أو المعطلين ودعمها، والعمل على مواجهة كل التشويشات التي تنال من مصداقية نضال الحركة ومن هويتها الكفاحية، وهذه المواجهة تبدأ أولا من داخلها بالالتزام بلونها الوحيد المناقض للاستبداد المخزني وبطعمها الوحيد المتذوق للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في أبعادهما المجتمعية والشعبية، مع محاولة صياغة أرضية حد أدنى لمطالبها الرئيسة من لدن المكونات الداعمة لها، وإطلاق مسلسل موازي ومنتظم للحوارات المشتركة والجبهات السياسية الواسعة بين مكوناتها دعما لنضالات الحركة.


COMMENTS

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية
الاسم

أدب و فنون,33,أعمدة مغربية,55,اقتصاد و إعلام,23,الربيع العربي,131,المزيد,82,جديد الكتب و المجلات,28,حريات و حقوق,31,دراسات حول المجتمع المغربي,18,سياسة مغربية,45,علوم وتكنولوجيا,2,عمال و نقابات,7,في دقائق,4,مجتمع مدني,18,مواقف حزبية,18,
rtl
item
مدونة الشعب يريد : حركة 20 فبراير : الواقع والأفاق
حركة 20 فبراير : الواقع والأفاق
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh54hsWR6A4pP0_rpaGpJtRJbmuoR9GxG6AGjl31ccgizzg_yOcLvIeS3NTxvQQf4c0GfsbjGhQViT3bmDMPdKVagvc5wARkXLxXuEA3oQGkifz7ap8hHG_7PLO1Q1yLXWWxtwz8noKKp8Q/s200/326612_2107353638819_1094899964_31872556_1648723208_o.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh54hsWR6A4pP0_rpaGpJtRJbmuoR9GxG6AGjl31ccgizzg_yOcLvIeS3NTxvQQf4c0GfsbjGhQViT3bmDMPdKVagvc5wARkXLxXuEA3oQGkifz7ap8hHG_7PLO1Q1yLXWWxtwz8noKKp8Q/s72-c/326612_2107353638819_1094899964_31872556_1648723208_o.jpg
مدونة الشعب يريد
https://slailymohammed.blogspot.com/2012/01/20.html
https://slailymohammed.blogspot.com/
https://slailymohammed.blogspot.com/
https://slailymohammed.blogspot.com/2012/01/20.html
true
3090944207328741838
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content