أنقذهم يا عمر سليمان !

 محمد السلايلي: الحوار المتمدن مجازفة خطيرة يقدم عليها المجلس العسكري ، الماسك بالسلطة وحامي حمى ثورة 25 يناير المصرية! بتقديمه عمر س...

 محمد السلايلي: الحوار المتمدن
مجازفة خطيرة يقدم عليها المجلس العسكري ، الماسك بالسلطة وحامي حمى ثورة 25 يناير المصرية! بتقديمه عمر سليمان مرشحا للرئاسيات المقبلة.
الرجل كان هو الحاكم الفعلي لمصر في عهد مبارك، وباعتباره رئيس المخابرات هو أحد أقطاب المؤسسة العسكرية الحاكمة ، المقرب من واشنطن وتل أبيب. ترشيحه للرئاسة يذكرنا بسيناريو خروج الاستعمار من الباب ليعود من النافذة. كان متوقعا أن الولايات المتحدة التي ضغطت في البداية من أجل تسليم السلطة لسليمان، لن تتراجع عن ضغطها، منذ اليوم الذي غادر فيه الرئيس المخلوع القصر الرئاسي، وطيلة الضجيج السياسي الذي تلاه ، كانوا يهيؤون الأجواء لإشهار ورقة نائب الرئيس التي حرقتها احتجاجات ميدان التحرير، لعرضها في الوقت المناسب كورقة للخلاص .
الإخوان و إخوانهم السلفيين، لعبوا اللعبة بامتياز، ولازالوا يلعبونها بحكم مؤهلاتهم التنظيمية المحكمة، عن وعي أو بدونه، هم بحماقاتهم التي تريد فصل الناس عن عالمهم والعودة بهم الى زمن مضى لا يمكن العودة إليه حتى لو قبلوا بذلك، يدفعون الناس إلى الترحم على النظام السابق وعدم المخاطرة بإقباره !!! .
ليس هناك ما هو أخطر من ثقافة اليأس والتيئيس التي تسود الثورات الشعبية العفوية في بداياتها. فعلى عكس الانقلابات التي يتم فيها التركيز على احتلال مقرات الإعلام ومؤسساته، الثورات الشعبية لها منطقها الخاص ونهجها المخالف لعقيدة الانقلاب العسكري. لذلك وسائل الإعلام التي ظلت تحت وصاية النظام الذي تلقى ضربات ثوار الميدان، تلعب هي أيضا لعبتها للفت الأنظار عن الدينامية التي ولدتها الثورة الشعبية. ليس في مصر و حسب، بل في تونس وليبيا.. ووجدت في التصريحات المنفلتة أو المحسوبة على أعضاء هذه الجماعات مادة دسمة خاصة اذا كانت هذه التصريحات تحمل عناصر الغرابة و الطرافة التي تقشع لهاالأبدان.
الأدوات المستخدمة باسم الديمقراطية المزعومة وباسم الدسترة و المأسسة لجهاز السلطة والدولة، نصبت فخاخ الصراع الديني ليغطي على المطالب الاجتماعية والسياسية الحقيقية التي كانت وراء اندلاع الثورة. وتلقت الجماعات الإسلامية الرئيسية، من حيث لا تدري، هدية ملغومة من طرف الأنظمة الفاقدة لكل شرعية، بسبب تزمتها و برغماتيتها السياسية ، أصبحت مشجبا تسعى من ورائه كل القوى الداخلية والخارجية المعارضة لأي انتقال سلمي نحو الديمقراطية، الى دفع الشعوب المنتفضة الى التذمر والندم والتأسف، لأنها تجرأت و خرجت بالملايين تطالب بحريتها وكرامتها.
رمت هذه الأطراف المناهضة للثورات العربية بورقة الإسلام السياسي وجعلت منها القضية الأساس لفرض خيارين للحكم : الاستبداد الديني أو الاستبداد القائم على خدمة الأجندة الأمريكية والصهيونية بالمنطقة . شكليا يبدو النمطين مختلفين. لكن عمليا يخدمان نفس القوى و الإطراف الداخلية والخارجية التي تدافع على استمرار نظام الحكم الاستبدادي العربي بمختلف لبوساته وتلاوينه.
ما يحدث اليوم، هو استعمال مكرر إلى أقصى الحدود للورقة السياسية التي ظلت تنهجها هذه الأنظمة منذ ظهور حركات الإسلام السياسي. قد لايختلف استعمال اليوم إلا من حيث الشكل و التوقيت عن الاستخدام الذي باشرته الولايات المتحدة وحلفائها للإطاحة بالحكم الاشتراكي بأفغانستان .
واستطاعت هذه الأنظمة أن تغرس في عقول البعض أنها هي الوحيدة القادرة على حمايتهم من ظلامية و من  تخلف هذه الجماعات الدينية. وهي نفس اللعبة التي سقط فيها الإخوان أكثر من مرة لتكسير الإضرابات العمالية الكبرى وإطفاء الاحتجاجات الشعبية و تبرير حالات الطوارئ. 
تقوم وسائل الإعلام بشتى أصنافها بتقسيم المجتمع إلى علمانيين وإسلاميين لتخويف الناس من المستقبل الآتي، ودفعهم إلى التعايش من جديد مع الأنظمة التي ثاروا ضدها !
عملية النفخ في البعبع الإسلامي التي تبشر بتحقيق الخلافة الإسلامية من المغرب إلى شرق أسيا. والحماسة الاسلاموية التي تشحن البعض من الشباب الساخط على الوضعية  والغاضب نتيجة انسداد الافاق، ترمي  الى إغلاق الطريق في وجه أي خروج من النظام الاستبدادي، موهمين الأتباع أن : " أصعب نقطة في طريق الإمبراطورية الإسلامية هي سوريا : الشام ، فبعد مصر وليبيا وتونس واليمن ، لو تحررت سوريا ستكون الكماشة قد أطبقت على اليهود" كما كتب أحد المهووسين بالخلافة في تعليقاته على صفحات الفايسبوك المشتعلة.
الثورات لم تأت من تحت عباءة الإخوان ولا هي من تأثير زعاماتها الدينية وقياداتها. تسللوا تم من الثغرة التي تركتها القوى العلمانية واليسارية مفتوحة ليصلوا السلطة عن طريق صناديق الاقتراع، التي تشرف عليها أجهزة النظام الفاقد للشرعية الشعبية،ما يجعلهم مختلفين عن إسلاميي السوان أو ايران على سبيل الميثال. لان في البلدين المذكورين انهار النظام ، ربما في ليبيا الأمر مختلف، لان ألقذافي كان حالة خاصة فصل نظاما ودولة على مقاسه الشخصي. و رغم هذه الفروق التي تبدو قد تبدو جوهرية، فالأصوليون الدينيون، منذ أن وجدوا و حيثما وجدوا وبالطريقة التي وجدوا بها، يشتركون في نفس المرجعية السياسية، واجهتها الزهد والتقشف وبيع الدنيا من اجل الآخرة، وباطنها احتكار السلطة وحياة البذخ والرفاهية والرخاء، باستغلال مفرط للدين من أجل مصالحهم الشخصية و الاقتصادية والسياسية .. لقد تمسكنوا حتى يتمكنوا .. وحين يتمكنون من السلطة، غالبا ككومبارس، تنكشف عوراتهم و تفتضح أساريرهم..
لكن هذا التمكين أصبح محفوف بالمخاطر، فالانقسامات الأفقية والعمودية في صفوف الإخوان و السلفيين تتسع، وهو شيء يهدد على المدى القريب مصالح القوى الأساسية المستفيدة من النظام العربي الرسمي داخليا وخارجيا، ويدخل المنطقة برمتها إلى دوامة أللاستقرار السياسي و الأمني، ولن تسلم من تداعياته دول الجوار خاصة الجنوب الأوروبي والكيان الصهيوني.
لا يجب أن ننسى أن هذا الزلزال الشعبي الذي ضرب المنطقة العربية منذ عام كشف عن اختلالات كبرى بالمجتمع العربي، ولعل أبرزها هامشية و محدودية العمل الحزبي( غياب الزمن السياسي ) و انعزالية الطبقة المثقفة وانفصالها عن دينامية الحركات الشعبية ( غياب البعد الفكري ). ولا شك أن هذه القوى تسارع الزمن الثوري لاسترجاع مكانتها و مبادراتها إن هي تبنت مطالب الثوار وتوحدث من أجلها.
عوامل عديدة تؤدي لارتداد الثورات العربية للخلف، البارز منها الأدوار التي تقوم بها هذه التيارات الأصولية المحافظة مدعومة بالرجعية والامبريالية .. لكن الأهم و الأخطر، الذي يجعل من هذا الارتداد واقعا يبقي على البنيات التسلطية والاستبدادية و يديمها، هو الدور الذي يلعبه الإعلام الموجه، من خلال نشر فكر تيئيسي انهزامي مؤامراتي، وظيفته الأساسية مساعدة قوى الارتداد على انجاز مخططاتها القذرة على أحسن وجه..
لكن متى كانت الثورات الشعبية التي عرفها التاريخ تسير على طريق مستقيم لا توجد به منعرجات؟ ومتى كانت القوى السياسية الجذرية التي تناضل من أجل امتلاك هذه الجماهير لسلطتها وسيادتها، تنتظر نضوج الشروط الاجتماعية لكي تسلمها الجماهير مفاتيح الحكم؟
من مكر التاريخ ! أن حملت هذه الثورات في بداياتها شعارات ومطالب الحركة الديمقراطية التي يتم اليوم تسفيه تضحياتها الكبرى، بعد أن شاخت هياكلها وتآكلت بفعل الاحتواء و الانعزال والانطواء .. وقد شاهدنا كيف أن غالبية الأحزاب المتفرعة عن هذه الحركة دفنت رأسها في التراب حين غمرت الحشود الساحات مطالبة بالتغيير واختار بعضها التفاوض من اجل مصالحها الضيقة ..
كانت المفاجأة أكبر حين جاء الربيع العربي بدون رأس وبلا قيادات موحدة على المطالب الديمقراطية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. خرجت الشعوب بسقف عالي تجاوز سقوف المعارضة التقليدية، فازدادت هذه الأحزاب ارتباكا وشرودا لم تعرف كيف تخرج منه بسبب تسارع الأحداث .
من يركبون على الربيع العربي هم جزء من البنية التي جاءت هذه الثورات لاقتلاعها.. فشعار الشعب يريد إسقاط النظام لم يرفع للترف الفكري ، ولم يتم تخدير الملايين وشحنهم ليغمروا الساحات والميادين ويقدموا الآلاف من الشهداء والمعطوبين. ولم تطبخ الثورات بدهاليز الخارجية الأمريكية كما يشاع اليوم من طرف من ينطلقون من رد فعل قوى الردة ليروها اليوم ربيعا صهيونيا أمريكيا بأيادي سعودية قطرية !
الانقلاب على أهداف ومطالب الربيع العربي بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لم ينشر اليأس والتيئيس فحسب، وإنما جعل الأنظمة الاستبدادية تغتر و تعتقد أنها من الآن فصاعدا، فهي في مأمن من غضب شعوبها، وهذا خطأ كبير ستندم عليه !!!
لا نعتقد أن الذين كسروا حاجز الخوف و لا الذين لازالوا يقاومون أعتا الدكتاتوريات العربية وأفظعها دموية، أن إرادتهم مسلوبة، وأنهم جازفوا بحياتهم و أمنهم وبحياتهم الشخصية والعائلية والمهنية، لأنهم فاقدي الشعور ! فمن يعتقد ذلك إما أنه مسلوب الرؤية أو أفاق و مسخر ضمن آلية التيئيس التي تسعى للإبقاء على الأنظمة التي ثارت الشعوب ضدها. ليس هناك وصفا ثالثا بين الاثنين، الأول لم يعش الزمن الثوري بعد، أما الأفَاق فهو معروف وأخباره مشاعة بين الناس؟
لن نمل للمرة الألف أو المليون، أن نردد بأن الربيع العربي هو الزمن الثوري الذي ظلت الأجيال المتعاقبة تنشده. هو الزلزال المدوي الذي ضرب الأرض العربية من محيطها لخليجها، بدرجات متفاوتة وبارتدادات متوقعة وغير متوقعة .إن عنصر المفاجئة الذي برز مع بداية حركة الشعوب العربية ضد الفساد والاستبداد، بات المعطى اليقيني الوحيد الذي نمسكه بيدنا ومن خلاله نعيد صياغة أفكارنا وهواجسنا و قدرتنا على استشراف أفاق مستقبلنا رغم تقلباته وضبابية أجوائه. وهو أيضا المعطى الرئيسي الملموس الذي أربك حسابات القوى الداخلية و الخارجية التي تريد التحكم في مسار هذا الحراك الشعبي، ودفعها حب البقاء والاستحواذ على تغيير مخططاتها وبرامجها في كل لحظة وحين حسب الموجات الارتدادية التي تتوخى إعادة تشكيل تضاريس العلاقة بين الحاكم والمحكوم على قاعدة من يحكم عليه إن يحاسب وان يلبي مطالب الجماهير الغاضبة في العيش الكريم الذي يوفر الشغل والمسكن و المساواة و الحرية و العدالة والاجتماعية.
هذه الجماهير ليست بليدة حتى تنسى و تأتمن لأعدائها الخارجيين، وهم كثر ومتعددين بتعدد المصالح والأطماع الجيوسياسية. بالفطرة الشعبية، ترى هذه الجماهير أنه .ليس هناك من هو أفظع و لا أقبح من برابرة الداخل. فهؤلاء وعلى مر الزمان، هم الأداة الطيعة التي تفتح الباب وتشرعه أمام برابرة الخارج لنهش جسد الشعوب، اعتقادا منها أن ذلك سيطيل من عمرها !!
ليست بليدة إذن حتى تقبل بعودة خاتم سليمان ونظام خاتم سليمان ، رغم كل التعقيدات و المتاهات التي تعمل على خلط الأوراق، فان الجماهير، وبالأخص الملايين التي صنعت الثورة، عرفت طريقها المختصر للشارع، وامتلكته ولا يأخذنا أي شيك في أن تعود إليه في أي وقت و أي حين، لاستكمال استحقاقات شعارها : الشعب يريد ...

COMMENTS

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية
الاسم

أدب و فنون,33,أعمدة مغربية,55,اقتصاد و إعلام,23,الربيع العربي,131,المزيد,82,جديد الكتب و المجلات,28,حريات و حقوق,31,دراسات حول المجتمع المغربي,18,سياسة مغربية,45,علوم وتكنولوجيا,2,عمال و نقابات,7,في دقائق,4,مجتمع مدني,18,مواقف حزبية,18,
rtl
item
مدونة الشعب يريد : أنقذهم يا عمر سليمان !
أنقذهم يا عمر سليمان !
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgx7DY6ojvLAcUsahzUtbwqExBpRq-SPgUhOuBFNItrboocVz9CfNYApKpXxnJU7RSHLGf9pJ7L44zs5jQHDSUNOtqFLlKAABxCWPkpQ0-PVqgx71yHVktmm6eiUl4g_cct9BKrTtlXGyyq/s200/559223_268233239932929_100002387645709_590327_1132659370_n.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgx7DY6ojvLAcUsahzUtbwqExBpRq-SPgUhOuBFNItrboocVz9CfNYApKpXxnJU7RSHLGf9pJ7L44zs5jQHDSUNOtqFLlKAABxCWPkpQ0-PVqgx71yHVktmm6eiUl4g_cct9BKrTtlXGyyq/s72-c/559223_268233239932929_100002387645709_590327_1132659370_n.jpg
مدونة الشعب يريد
https://slailymohammed.blogspot.com/2012/04/25.html
https://slailymohammed.blogspot.com/
https://slailymohammed.blogspot.com/
https://slailymohammed.blogspot.com/2012/04/25.html
true
3090944207328741838
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content