صادفت يوم أمس( 28 شتنبر) الذكرى الثالثة عشرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية، ولكنها مرت بهدوء على كل الأرض الفلسطينية، رافقته حالة من الإح...
صادفت
يوم أمس( 28 شتنبر) الذكرى الثالثة عشرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية، ولكنها مرت
بهدوء على كل الأرض الفلسطينية، رافقته حالة من الإحباط في ظل الفشل
السياسي والمقاوم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني حالياً، والذي أصبح وفق
كثيرين «خلف الكواليس» بعدما أزاح «الربيع العربي» الأضواء عنه، ووجهها
نحو مناطق أخرى ولو إلى حين. لكن لماذا لم يتذكر الفلسطينيون ذكرى
الانتفاضة الثانية؟
أجوبة كثيرة تظهر سبب الإحباط الفلسطيني العام حالياً، والذي حجب واحداً من أهم الأحداث في تاريخ الذاكرة الفلسطينية. فيوم أمس الأول كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس محبطاً يلقي خطاباً يائساً أمام الأمم المتحدة ويطالبها بإقامة الدولة الفلسطينية، ولكن لا يبدو أن هناك أملاً بإقامتها على الأرض.
يقول أحد أفراد «كتائب شهداء الأقصى» السابقين، والذين سلموا سلاحهم في صفقات ما بعد «انهيار المنظومة الوطنية»، إنه «بعد الانتفاضة عززت إسرائيل الاستيطان، وكثفت سرقة مواردنا، واستغلت الحياد الدولي لتفرض حقائق على الأرض تحول دون قيام دولة فلسطينية، بالمقاس الفلسطيني، وفي النهاية أحبطنا وقررنا أن نتوقف عن القتال لأنه يضرنا أكثر مما ينفعنا».
وبعيداً عن ذلك، فإن العالم كله يتجه اليوم نحو مناطق أخرى في الشرق الأوسط، فالأحداث في سوريا شغلت الكثيرين، وفي مصر خطف «الإخوان المسلمون» الأضواء، فضلاً عن ليبيا وتونس أيضاً. وبالتالي خسّر «الربيع العربي» الفلسطينيين من حيث لا يدرون، وكانت النتيجة أن القضية الفلسطينية «أصبحت مهمشة». هكذا قالت أيضاً عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي، خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس.
وأشارت عشراوي، إلى أن تهميش القضية الفلسطينية له أسباب أخرى تتعلق بالسياسة الإسرائيلية التي نجحت في تسليط الضوء على الملف الإيراني، موضحة أن الفلسطينيين وللخروج من حالة التهميش هذه عليهم اتباع سبل عديدة أولها إلغاء نهج المفاوضات، والذهاب نحو المقاومة الشعبية، والديبلوماسية.
ولا يبدو أن حديث عشراوي لقي آذاناً صاغية في الشارع الفلسطيني، الذي لم يأبه بما يجري وسيجري في الأمم المتحدة، حيث انشغل أمس الأول عن خطاب الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة، تماماً مثلما انشغل عن إحياء ذكرى الانتفاضة.
يقول بائع الخضار أبو كمال من مدينة رام الله في حديثه إلى «السفير» إنه «لو لم تسألني عن الانتفاضة لما تذكرتها، فنحن اليوم نلهث وراء لقمة العيش، ولم يعد أمامنا متسع من الوقت للتفكير في الماضي».
من جهتها قالت الحاجة أم ناصر، وأحد أقربائها شهيد في الانتفاضة «الوضع صعب، والفراق أصعب، ولا نريد أن نتذكر الألم، ولا نريد أن يتكرر، فقد عانينا بما فيه الكفاية».
لقمة العيش، والواقع الذي خلقه الاحتلال، و«الربيع العربي»، ليست هي الأسباب الوحيدة التي أنست الفلسطينيين ذكرى الانتفاضة، فبعدها مباشرة حصل الانقسام، وحرب تموز في لبنان في العام 2006، وحرب غزة في العام 2008، وكانتا أشد فظاعة. لكن ربما يكون هناك أسباب أخرى، بحسب رأي الشاب أحمد الخطيب، أهمها «الإحباط العام من الأحزاب السياسية الفلسطينية وقياداتها التي فقدت البرامج، وصارت مجرد دكاكين سياسية».
مرت ذكرى الانتفاضة، ويوم أمس ساد الهدوء في القدس، حيث انطلقت لنصرة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية حين حاول الآلاف من الفلسطينيين منع زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون إلى الأقصى. حاول الفلسطينيون منع الرجل من دخول المسجد مستخدمين الحجارة والأحذية وكل ما يمكن إلقاؤه، فردت شرطة الاحتلال عليهم بالنيران الحية فاستشهد في اليوم الأول أكثر من 40 فلسطينياً، لتشتعل الانتفاضة الفلسطينية.
ثم توالت الأيام وتصاعدت وتيرة المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال على مختلف مناطق التماس، وكان سلاح الفلسطينيين حينها الحجارة فقط تقابلها نيران غزيرة فسقط أكثر من 400 شهيد خلال الشهر الأول، ثم دخلت الأسلحة على خط المواجهة، وتمت عسكرة الانتفاضة وكانت المحصلة أكثر من خمسة آلاف شهيد، ومئة ألف جريح، وما يزيد عن عشرة آلاف أسير، وهدمت آلاف المنازل.
وبدأت الانتفاضة تهدأ رويداً رويداً بعد عملية «السور الواقي» الإسرائيلية في العام 2002، حين اجتاح شارون كل المدن الفلسطينية وأسقط بقوة السلاح السلطة الوطنية الفلسطينية، واعتقل أهم قياداتها، قبل أن يغتال الرئيس ياسر عرفات في العام 2004.
وبرأي الكثير من المراقبين فإن الفلسطينيين خسروا كثيرا من الانتفاضة كونهم جروها إلى مربع العسكرة، وهو المساحة التي تتفوق فيها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وتستغلها كثيرا مستخدمة كل ترسانتها العسكرية، فيكون المقابل ثمنا باهظا بالدم والمال يدفعه الفلسطينيون، ما يزيدهم إحباطاً.
اقرأ الموضوع من مصدره :امجد سمحان : لماذا لم يتذكر الفلسطينيون ذكرى الانتفاضة الثانية؟
أجوبة كثيرة تظهر سبب الإحباط الفلسطيني العام حالياً، والذي حجب واحداً من أهم الأحداث في تاريخ الذاكرة الفلسطينية. فيوم أمس الأول كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس محبطاً يلقي خطاباً يائساً أمام الأمم المتحدة ويطالبها بإقامة الدولة الفلسطينية، ولكن لا يبدو أن هناك أملاً بإقامتها على الأرض.
يقول أحد أفراد «كتائب شهداء الأقصى» السابقين، والذين سلموا سلاحهم في صفقات ما بعد «انهيار المنظومة الوطنية»، إنه «بعد الانتفاضة عززت إسرائيل الاستيطان، وكثفت سرقة مواردنا، واستغلت الحياد الدولي لتفرض حقائق على الأرض تحول دون قيام دولة فلسطينية، بالمقاس الفلسطيني، وفي النهاية أحبطنا وقررنا أن نتوقف عن القتال لأنه يضرنا أكثر مما ينفعنا».
وبعيداً عن ذلك، فإن العالم كله يتجه اليوم نحو مناطق أخرى في الشرق الأوسط، فالأحداث في سوريا شغلت الكثيرين، وفي مصر خطف «الإخوان المسلمون» الأضواء، فضلاً عن ليبيا وتونس أيضاً. وبالتالي خسّر «الربيع العربي» الفلسطينيين من حيث لا يدرون، وكانت النتيجة أن القضية الفلسطينية «أصبحت مهمشة». هكذا قالت أيضاً عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي، خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس.
وأشارت عشراوي، إلى أن تهميش القضية الفلسطينية له أسباب أخرى تتعلق بالسياسة الإسرائيلية التي نجحت في تسليط الضوء على الملف الإيراني، موضحة أن الفلسطينيين وللخروج من حالة التهميش هذه عليهم اتباع سبل عديدة أولها إلغاء نهج المفاوضات، والذهاب نحو المقاومة الشعبية، والديبلوماسية.
ولا يبدو أن حديث عشراوي لقي آذاناً صاغية في الشارع الفلسطيني، الذي لم يأبه بما يجري وسيجري في الأمم المتحدة، حيث انشغل أمس الأول عن خطاب الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة، تماماً مثلما انشغل عن إحياء ذكرى الانتفاضة.
يقول بائع الخضار أبو كمال من مدينة رام الله في حديثه إلى «السفير» إنه «لو لم تسألني عن الانتفاضة لما تذكرتها، فنحن اليوم نلهث وراء لقمة العيش، ولم يعد أمامنا متسع من الوقت للتفكير في الماضي».
من جهتها قالت الحاجة أم ناصر، وأحد أقربائها شهيد في الانتفاضة «الوضع صعب، والفراق أصعب، ولا نريد أن نتذكر الألم، ولا نريد أن يتكرر، فقد عانينا بما فيه الكفاية».
لقمة العيش، والواقع الذي خلقه الاحتلال، و«الربيع العربي»، ليست هي الأسباب الوحيدة التي أنست الفلسطينيين ذكرى الانتفاضة، فبعدها مباشرة حصل الانقسام، وحرب تموز في لبنان في العام 2006، وحرب غزة في العام 2008، وكانتا أشد فظاعة. لكن ربما يكون هناك أسباب أخرى، بحسب رأي الشاب أحمد الخطيب، أهمها «الإحباط العام من الأحزاب السياسية الفلسطينية وقياداتها التي فقدت البرامج، وصارت مجرد دكاكين سياسية».
مرت ذكرى الانتفاضة، ويوم أمس ساد الهدوء في القدس، حيث انطلقت لنصرة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية حين حاول الآلاف من الفلسطينيين منع زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون إلى الأقصى. حاول الفلسطينيون منع الرجل من دخول المسجد مستخدمين الحجارة والأحذية وكل ما يمكن إلقاؤه، فردت شرطة الاحتلال عليهم بالنيران الحية فاستشهد في اليوم الأول أكثر من 40 فلسطينياً، لتشتعل الانتفاضة الفلسطينية.
ثم توالت الأيام وتصاعدت وتيرة المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال على مختلف مناطق التماس، وكان سلاح الفلسطينيين حينها الحجارة فقط تقابلها نيران غزيرة فسقط أكثر من 400 شهيد خلال الشهر الأول، ثم دخلت الأسلحة على خط المواجهة، وتمت عسكرة الانتفاضة وكانت المحصلة أكثر من خمسة آلاف شهيد، ومئة ألف جريح، وما يزيد عن عشرة آلاف أسير، وهدمت آلاف المنازل.
وبدأت الانتفاضة تهدأ رويداً رويداً بعد عملية «السور الواقي» الإسرائيلية في العام 2002، حين اجتاح شارون كل المدن الفلسطينية وأسقط بقوة السلاح السلطة الوطنية الفلسطينية، واعتقل أهم قياداتها، قبل أن يغتال الرئيس ياسر عرفات في العام 2004.
وبرأي الكثير من المراقبين فإن الفلسطينيين خسروا كثيرا من الانتفاضة كونهم جروها إلى مربع العسكرة، وهو المساحة التي تتفوق فيها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وتستغلها كثيرا مستخدمة كل ترسانتها العسكرية، فيكون المقابل ثمنا باهظا بالدم والمال يدفعه الفلسطينيون، ما يزيدهم إحباطاً.
اقرأ الموضوع من مصدره :امجد سمحان : لماذا لم يتذكر الفلسطينيون ذكرى الانتفاضة الثانية؟
COMMENTS