الظاهر أن برنامج الداعية د. أحمد الريسوني، حافل بالعديد من المفاجئات و أيضا بالقنابل الموقوتة التي يزرعها في محاضراته منذ عودته للمغرب...
الظاهر أن برنامج الداعية د. أحمد الريسوني، حافل بالعديد من المفاجئات و أيضا بالقنابل الموقوتة التي يزرعها في محاضراته منذ عودته للمغرب من " منفاه" بالسعودية مصنع التيار الديني الوهابي.
الدكتور أحمد الريسوني |
في محاضرته الاخيرة الأحد المنصرم بمدينة القصر الكبير ، حيث يهيمن على تسيير بلديتها حزب العدالة و التنمية المتزعم للحكومة، أطلق الريسوني قنبلة من العيار الثقيل حين قال أن " المجتمع المغربي يواجه طائفة أشد خطورة من الطوائف المتعارف عليها، وهي طائفة غير المسلمين".
و المقصود ب"طائفة غير المسلمين" تيارات تدعو إلى الشذوذ الجنسي أو الإفطار العلني في رمضان أو مجموعة " ما معيدينش" الفايسبوكية، التي هي أصلا مجموعات محدودة و غير منظمة و لا تحظى بشعبية و تجذر داخل البنية المجتمعية. كيف إذن لمثل هذه التيارات المحدودة، وهي مشكلة أصلا من أبناء المسلمين المنتمين للطبقات الوسطى، كما حصل مع أبناء قيادات من لحماس أو الإخوان بمصرالذين
اعتبروا الأمر " طيش شباب"، ماداموا يحرصون على ارسال أبناءهم للدراسة في
البغثات الاجنبية و للولايات المتحدة الامريكية تحديدا؟؟
الريسوني لا يضع هؤلاء الشباب نصب عينه، لانه يعلم جيدا أن ذلك سنة من سنن الحياة العصرية، و لكنه يستهدف الصفة و الذات كل المعارضين المعارضين للمشروع" الاسلامي" الذي تفرضه السعودية كحاجز ايديولوجي ضد استكمال مهام الثورات العربية المطالبة باسقاط الفساد و الاستبداد.
من هذه الزاوية، يكفر الريسوني الجمعيات الحقوقية و الصحافة المدافعة عن الحريات الفردية و الجماعية و يدعو لاستئصالها باعتبارها طائفة غير مسلمة بالمجتمع المغربي.، لأنها حسب رأيه، تدافع و تدعم تلك الجماعات الشبابية الضالة؟
و أهم مفاجأة القى بها د. احمد الريسوني في محاضرته ، تتمثل في الباسه ثورات الربيع العربي ثوب الدعوة . حين قال أن زمن الربيع العربي هو" زمن تصعيد الدعوة بامتياز" ؟.
إخوان الريسوني الذين استولوا على نضالات حركة 20 فبراير النسخة المغربية للربيع العربي، دون أن يشاركوا فيها بل بمعاكستها ووضع العصي في عجلتها، يطبقون بالحرف من خلال رآستهم للحكومة سياسة "عفى الله عن الفساد و الاستبداد" ؟ وهي سياسة على النقيض تماما من شعارات الثورات العربية و حركة 20 فبراير التي غمرت الشوارع و الميادين لاسقاط الفساد و الاستبداد.
والملفت أن شعارات الاحزاب الاسلامية التي صعدت الحكم بعد سقوط رأس الانظمة بتونس و مصر، كانت في بداية الثورات تفاوض لتحسين شروط بقائها ضمن البنية العامة المولدة للاستبداد بهذه البلدان. وتم تفصيل عمليات الاقتراع على مقاسها لكي لكي تتزعم فعاليات الثورة المضادة التي نعيش اليوم تفاصيلها بكل جلاء و وضوح. والسيد الريسوني أحد مشايخ مجمع الفقه الاسلامي بجدة، لا يختلف عن زعيم النهضة الذي أغرق الصحافة أثناء عودته من لندن بأن جماعته ستحافظ على الطابع المدني لتونس، و بعد ذلك، اصبح له رأي أخرمخالف؟
أين تقع مطالب ثورات الربيع العربي و مطالب حركة 20 فبراير؟ فالحكومات التي شكلتها الحركات الاسلامية على إثر الغليان الشعبي، لا تختلف عن سابقاتها، فهي على النقيض من مطالب الشعوب، تسن سياسات لإغناء الغني و تفقير الفقير من خلال التقشف و رهن مستقبل الاجيال القادمة بين كماشة المديونية الخارجية. الأكثر من ذلك، لم تمض اسابيع قليلة الا و جب الاسلاميون كل " مقاوماتهم العنترية" السابقة لاسرائيل و أمريكا. وبات التعامل معهما و المحافظة على روابطهمها أمر تفرضه الدبلوماسية الدولية؟
التحذير الذي أطلقه د. أحمد الريسوني مما أسماه " طائفة غير المسلمين" علينا أن نأخذه مأخذ جد. فالمسالة لا تتعلق بالبقاء بدار الاسلام أو الخروج عنها، إنها تستهدف اجتثات مطالب الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية التي لا يمكن لها أن تتحقق الا بسقوط الفساد و الاستبداد. وما الهجوم على " العلمانيين" الا شماعة يستغلها فقهاء السعودية لتمرير سياسة التحكم و البقاء في وجه العواصف الشعبية التي تهدد معاقل الاستبداد.
ما وعد به الاسلاميون أثناء حملاتهم الانتخابية ينسفونه يوميا بتصريف السياسات التي كانت سببا في اندلاع ثورات الربيع العربي. وكما في مصر و تونس، فان الجناح الحزبي لمنظر حركة التوحيد و الاصلاح، يضع نفسه في مواجهة مطالب الحركات الاجتماعية و السياسية، وهو موقف لا شماثة فيه، على اعتبار ان غالبية من صوتوا لهذا الحزب يفركون أيديهم وهم يجدون انفسهم مرهونين في دوامة صراع بالوكالة بين الاسلام و العلمانية، لاشأن لها بجوهر مطالبهم الاجتماعية و الاقتصادية التي تحسن من مستوى عيشهم و تضمن توزيعا عادلا لثروات البلاد ؟
محمد السلايلي : الحوار المتمدن
COMMENTS