طبيعة مشروع هوغو تشافيز و حدوده

مقالات ماوية حول " الثورة البوليفارية " الفنيزويلية .  بقلم :  شادي الشماوي ا لجزء الأول عقب لفظ هوغوتشافي...



مقالات ماوية حول " الثورة البوليفارية " الفنيزويلية .

 بقلم : شادي الشماوي
الجزء الأول
عقب لفظ هوغوتشافيز أنفاسه الأخيرة ، تابعنا عن كثب ردود الفعل عبر العالم . و إنكببنا نطالع على وجه الخصوص مواقف الماويين فتبيّن لنا أن مواقفهم مختلفة بل و متضاربة فمنهم من كال المديح نوعا ما لتشافيز و منهم من أدانه على أنّه كمبرادوري لا غير و منهم من إعتبره مناهضا للإمبريالية ...
و فى البلدان العربية ، أصدر أفراد ماويون مواقفا بلغت هي الأخرى حدّ التناقض و ما ميّزها أنّها أتت غالبا محتشمة فى شكل جمل أو فقرة و فى مناسبات نادرة وردت فى شكل مقالات ، فى حين لاذ عديد الماويين بالصمت .
و إعتبارا لأنّ المسألة حيوية طبقيّا حاضرا و مستقبلا لما لها من تداعيات على فهم هذا المشروع البوليفاري و حدوده الطبقية و على ما يمكن أنينتجه من تداخل فكري و ضبابية لدي بعض الماوين من البلدان العربية إن لم يدركوا جوهر و كنه القضية المطروحة و علاقتها بالمشروع الشيوعي الثوري و النضال من أجل عالم آخر ممكن ، عالم شيوعي لتحرير الإنسانية ، وجدنا أنفسنا مدفوعين للمساهمة من موقعنا فى إنارة الطريق الماوي بهذا الصدد و ذلك بتوفير مقالات ماوية فيها ما فيها من التحليل العلمي للمعطيات الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية فى فنيزويلا ،من زاوية النظر البروليتارية الثورية ، لتكون غذاء للفكر ينهل منه و يتعاطى معه من يتطلّع لتعميق رؤيته لحقيقة مشروع تشافيزبعيدا عن السطحية و المواقف الذاتية التى لا تبنى على معطيات واقعية أي بعيدا عن التحليل الملموس للواقع الملموس الذى علّمنا إيّاه لينين العظيم .
و فيما يلي تجدون مقالين يُعنى الأوّل منهما بالناحية الإقتصادية و يتطرّق بشيء من التفصيل لإسترتتيجيا تشافيز النفطية بما هي حجر الزاوية فى مشروعه وبرامجه ؛ و يتناول الثاني بالتحليل الواقع السياسي لفترة ما بعد فشل الإستفتاء حول التعديلات الدستورية التى نادى بها تشافيز .
1- لهوغو تشافيز إستراتيجيا نفطية ...لكن هل يمكن لهذا أن يقود إلى التحرّر ؟
-أي صنف من الموارد ؟
- النفط و فينيزويلا .
- برنامج ليس بوسعه القطع مع الوضع السائد ؛ برنامج تنخره التناقضات .
- التطوّر السجين فى عصرنا الراهن .
- ضغوطات الإقتصاد العالمي و تضييقاته .
- السعر الإجتماعي للنفط فى ظلّ الإمبريالية أم طريق آخر ممكن .
2- إستفتاء فى فنيزويلا : مكيدة الولايات المتحدة و حدود مشروع هوغو تشافيز و تناقضاته .
1- فرز أوّلي .
2- " الثورة البوليفارية " لتشافيز.
3- تحالف تشافيز الحاكم .
4- الوضع المتحرّك و الجماهير .
5- ماذا عن الطبقات الوسطى ؟
6- المجتمع الطبقي و القيادة .
-------------------------
و كلّما عثرنا على مقال عميق بهذا المضمار ، لن نتوانى عن القيام باللازم لتوفيره باللغة العربية علّنا نساعد المناضلين و المناضلات و الثوريين و الثوريات و جماهير شعبنا على إدراك حقيقة أنّ الإنسانية لا تحرّرها سوى الشيوعية الثورية التى تفسّر العالم علميّا لتغييره ثورّيا .
------------------------------------------1----------------------------------------
لهوغو تشافيز إستراتيجيا نفطية ... لكن هل يمكن لهذا أن يقود إلى التحرّر ؟
لريموند لوتا – " الثورة " عدد 94 ، 1 جويلية 2007
( أعادت نشره " أخبار عالم نربحه " بتاريخ 18 مارس 2013)
ملاحظة الناشر :
هذا الأسبوع تنشر جريدة " الثورة " هذا المقال لريموند لوتا وهو جزء من تحليل أشمل تعمل على تطويره مجموعة كتابة حول هغو تشافيز و ما حدث فى فنيزويلا منذ صعوده إلى السلطة سنة 1998 .
طبيعة " الثورة البوليفارية " لتشافيز موضوع ذو أهمّية كبرى يناقش على نطاق واسع ضمن التقدّميين و الناس الراديكاليين . لقد طبّق تشافيز حشدا من الإجراءات الإجتماعية و الإقتصادية كان هدفها رفع و تحسين مستوى عيش الفقراء و المقموعين فى المجتمع الفنيزويلي ؛ و أدان الولايات المتحدة كقوّة إمبريالية متغطرسة ،و فى 2005 أعلن أنّ فنيزيلا كانت تسير وفق برنامج " إشتراكية القرن 21" . و فى الوقت الذى كانت فيه الولايات المتحدة تخوض " حربها ضد العالم " و فى الوقت الذى كانت فيه الولايات المتحدة تنشر بقوّة أجندا ساحقة و عنيفة للإقتصاد الليبرالي الجديد فى بلدان العالم الثالث ؛ جلبت التطوّرات فى فنيزويلا إهتماما كبيرا .
لكن ما هو البرنامج الفعلي لهوغو تشافيز و ما هي نظرته ؟ ما هي طبيعة السيرورة الجارية فى فنيزويلا و إلى أين تتجه ؟ هل يمثّل برنامج تشافيز بديلا حقيقيّا للإستغلال الإمبريالي ،و كريقا ممكنا للتحرّر فى عالم اليوم ؟ و ما هو معنى الإشتراكية فى عالم اليوم المعولم ؟
وجهة نظرنا هي أنّ " الثورة البوليفارية " لا تمثّل قطيعة جوهرية مع الإمبريالية ، و لا تجسّد نظرة أو طريقا للتغيير الإجتماعي الجذري حقّا . لكن فهم لماذا الأمر كذلك موضوع معقّد يستدعى تحليلا عن كثب . و فى التحليل الشامل الذى سينشر قريبا ، نتناول بالنقاش العوامل التاريخية التى تشكّل التطوّر الفينيزويلي و النموذج الإقتصادي الذى طوره تشافيز و دور الجيش و المؤسسات الشعبية الجديدة فى " الثورة البوليفارية " ، و القوى الإجتماعية و الطبقية المنخرطة و القائدة لهذه الحركة ، و النقاش الأوسع حول " إشتراكية القرن 21 " و التحدّات الحقيقية للقيام بالثورة فى عالم اليوم .
و بينما نجرى هذا النقد لمشروع تشافيز ، فإنّ هذا لا يحول بأية طريقة دون وقوفنا إلى جانب الشعب الفنيزويلي و معارضتنا التامة لأية محاولات للإمبريالية الأمريكية تهدف لتقويض نظام تشافيز أو أي عدوان سافر ضدّه .
يركّز المقال الذى ننشر فى هذا العدد على الإقتصاد النفطي الفنيزويلي . و من هنا ننطلق لأنّ النفط كان محوريّا للغاية فى الهمنة التاريخية للإمبريالية على فنيزويلا و فى تطوّرها الإقتصادي – الإجتماعي ،و لأنّ النفط يمثّل محور برنامج هوغو تشافيز لإسترداد السيادة و تغيير المجتمع الفنيزويلي .
هدفنا هو المساهمة فى فهم الآخرين و التعلّم من تحليلهم ، و تعميق الحوار و النقاش بصدد هذه المسائل الحيوية .


فى 1997 ، سنة قبل إتخابه كرئيس ، هاجم هوغو تشافيز الفئة الصفوة الحاكمة القديمة على هذا النحو: " النفط سلاح جغرافي – سياسي و هؤلاء الأغبياء الذين يحكموننا لا يدركون قوّة بلاد منتج للنفط ".(1)
و عرض فكره الإستراتيجي بشأن النفط فى حوار صحفي سنة 2006 : " نطبّق اليوم برنامجا إستراتيجيّا يسمّى مخطّط بذر النفط أي ‘ستعمال الثروة النفطية لغاية جعل فنيزويلا بلدا زراعيّا ،ووجهة سياحية و بلدا صناعيّا متنوّع الإقتصاد . إنّنا نستثمر مليارات الدولارات فى البنية التحتية : مولّدات طاقة تستعمل الطاقة الحرارية ،و شبكة كبيرة من السكك الحديدية و الطرقات و الطرقات السيّارة ،و المدن الجديدة و الجامعات الجديدة و المعاهد الجديدة ، نسنصلح الأراضي و نركّب الجرّارات و نقدّم قروضا للفلاحين . و فى يوم من الأياّم لن يكون لدينا نفط ، لكن سيحدث هذا فى القرن الثانى و العشرين . لفنيزويلا نفط لمائتي سنة أخرى ". ( 2)
و غالبا ما تحدّث تشافبز عن إبعاد فينيزويلا عن التعويل المغالي فيه عن قطاع النفط إلاّ انّه مثلما تشدّد المواقف أعلاه و السياسات الماموسة ، سيتواصل النفط لبعض الوقت ، بالتأكيد على المدى المتوسّط ، أساسا للإقتصاد و حجر الزاوية فى السياسة الخارجية لفنيزويلا .
أي صنف من الموارد ؟
لا شكّ فى أنّ لفنيزويلا ثروة نفطية طائلة فهي تمتلك أوسع موارد نفطية متعارف عليها فى الجانب الغربي من كوكبنا . ( أكثر ثلاث مرّات من الموارد المكتشفة لدى الولايات المتحدة )؛ و لها حسب بعض التقديرات موارد لم يقع بعدُ إستعمالها فى حزام البلاد باورينوكو قد يتجاوز موارد العربية السعودية . و لا شكّ أيضا فى أنّ عائدات النفط تناهز مستويات تاريخية تقريبا ، بمستوى 65 دولار البرميل .
لكن لماذا يُعتبر النفط كمجال للإستثمار و كأداة تمويل بالبترودولار " ذهبا أسود "؟ لقد أضحى النفط مصدرا للثروة الإنتاجية و المالية فى إطار نوع من العلاقات الإنتاجية – الإجتماعية القائمة إذ أفرز نموّ الرأسمالية العالمية و توسعها المعاصر هيكلة صناعية – فلاحية تتأسّس على الربح و تعتمد بصورة كبيرة و غير متناسبة على المصادر غير القابلة للتجديد ، النفط كإستثمار إقتصادي أساسي أثرت أسعاره العالمية على تكلفة الإنتاج و الأرباح و الإمتيازات التنافسية .فى فترة ما بعد الحرب العالمية ، نمت الصناعات المعتمد ة على النفط و المرتبطة به مثل صناعة السيّارات و الصناعات البتروكيميائية و البلادستيكية . و علاوة على ذلك ، يشكّل التنقيب على النفط و إستخراجه و تكريره و تسويقه قطاعا مربحا جدّا من الإقتصاد العالمي . (3) .
كان المسار التاريخي للتطوّر المدفوع بالنفط فى ظل الرأسمالية العالمية مدمّرا لحياة البشر و بيئة الكوكب . إنّ نماذج الإنتاج و الإستهلاك فى البلدان الرأسمالية المتقدّمة - حيث يعيش ربع سكّان العالم لكنهم يستهلكون ثلاثة أرباع المصادر العالمية – تنتهى الآن إلى أزمة بيئية شاملة . و لن يكون إقتصاد عالمي عادل و عقلاني منظّما لا حول هيكلة إجتماعية من الإستغلال و اللامساواة و لا قائما على هذا النوع من الأسس من المصادر التقنية غير الدائمة .
و بات النفط فضلا عن ذلك ، سلاحا فى السياسة العالمية . وهذا أيضا من توظيفات الإمبريالية . علاقات القوّة جزء لا يتجزّأ من الإمبريالية . و مراقبة المصادر تورث ميزة جغرافية سياسية و هيمنة جغرافية سياسية – بفضلها تكسب بعض القوى إمتيازات و إمكانيات فريدة فى بلوغ الموارد الطبيعية و القدرة على التحكّم فى الإقتصاديات و الدول الأخرى . لقد كان النفط موضوع تنافس و صدامات و غزوات إمبريالية ، بما فى ذلك عبر حروب محلّية قريبة . و كان النفط على حدّ السواء وسيلة لدفع أنظمة الإستعمار الجديد و التحكّم فيها و فى المداخيل النفطية و الفساد مثلما هو الحال فى نيجيريا . و الآلة العسكرية العالمية – الإمبريالية الحديثة قوامها النفط .
النفط و فينيزويلا :
لقد لعبت فينيزويلا دورا تاريخيّا معيّنا فى التقسيم العالمي للعمل : دور مصدر إستراتيجي للنفط . و العامود الفقري لإقتصاد نظام دولة فنيزويلا المعاصرة كان الحصول على الريع من الشركات النفطية و الآداءات للسماح لها بإستخراج النفط من الأرض . طوال نصف القرن الماضي ، كانت مداخيل النفط تدفع نحو نمط من النموّ و التطوّر فى فنيزويلا و تحجزها ضمن إقتصاد نفطي تهيمن عليه الإمبريالية الغربية .
إنّ النفط بإنفجاراته و تراجعاته ، أعاد تشكيل البلاد جغرافيّا و سياسيّا . فكاراكاس ، عاصمة فنيزويلا ، تاضعف حجمها و أكثر بين 1920 و 1936 و تضاعف مجدّدا بين 1936 و 1950. ثمّ تضاعف بثلاث مرّات بين 1950 و 1971 . و خلق الإقتصاد النفطي طبقة وسطى جديدة مرتبطة بالدولة و بتوزيع نفقات النفط ، بينما توسعت مدن الصفيح حيث يقطن الفقراء النازحين من الريف و تغلغلت تماما إلى منحدرات كاراكاس الغربية الطينية . و اليوم يعيش تقريبا 90 بالمائة من سكّان فنيزويلا فى المدن و يعيش نصف سكّان كراكاس فى أحياء قصديرية . و من إنعكاسات التأثيرات المشوّهة للنفط للهيكلة الإقتصادية و الإجتماعية لفنيزويلا هناك النموّ الواسع " الإقتصاد غير الرسمي " فى المدن : المشغلين لأنفسهم فى المدن ( مثل الباعة المتجوّلين و الباعة على أرصفة الطرقات ) و عمال يقدّمون خدمات غير مسجّلة . (4).
لقد أنتج النفط و ثبّت مسار تطوّر يتميّز ببون إقتصادي و إجتماعي شاسع : بين إنتاجية قطاع النفط و عدم إنتاجية سواه من القطاعات ، بين تطوّر المناطق الريفية و المدينية ، بين الأغنياء و الفقراء ، فى المدن و الأرياف .
و لنعد خطوة إلى الوراء . من 1958 إلى 1998 ، كسبت فنيزويلا حوالي 300 بليون دولار مدخيلا للنفط . ما الذى عناه ذلك بالنسبة إلى الجماهير الشعبية فى فنيزويلا و أي نوع من التطوّر نجم عن الإرتباط بديناميكية الإقتصاد الإمبريالي العالمي و الصناعة النفطية العالمية ضمنه ؟
لقد خنق فعلا إنتاج النفط أي توزيع له دلالته فى القطاع الصناعي . و غالبية البنية التحتية الجديدة المشيّدة بين 1960 و 1980 تتداعي جراء نقص فى الصيانة . و إنضاف إلى الفيضانات و الإنزلاقات الطينية خطر عملية التمدين العشوائية التى إكتسحت المدن . و المخاطر الصحّية تشلّ مدن الصفيح أين يحيى 60 بالمائة من سكّان المدن الفنيزويلية . و عدد الناس الذين يعيشون فى فقر رسميّا تضاعف تقريبا بين 1984 و 1995 ؛ و اليوم ، أكثر من نصف السكّان العاملين يشتغلون فى الإقتصادغير الرسمي الهشّ . (5).
لقد ندّد هوغو تشافيز بأوليكاركية إفتصاد النفط و بالفساد و الرشوة و منتهى تألّق الثروة و بجابنه إستشراء الفقر . و تحدّث عن الحاجة إلى إعادة إحياء الإقتصاد الفلاحي . لكن هل يمكن لشكل مختلف من الإقتصاد النفطي أنينتج بديلا عادلا وفعّالا للنموذج الإقتصادي الليبرالي الجديد و أن يقود إلى الإشتراكية ؟ و بالضبط إلى أي مدى سيختلف مثل هذا الإقتصاد إن كان يتطلّب ضخّا كبيرا للإستثمارات الرأسمالية الأجنبية و مجازفة فى لعبة أسواق النفط ؟
برنامج ليس بوسعه القطع مع الوضع السائد ؛ برنامج تنخره التناقضات :
لقد رهن تشافيز نجاح برنامجه للعدالة الإجتماعية و تنويع الإقتصاد على المداخيل النفطية . شعار عمله الإقتصادي الأساسي ، مثلما كرّر ذلك فى عديد المناسبات ، هو " بذر النفط " . وهي جملة و برنامج مثّلا جزء من الخطاب و السياسات الوطنية الشعبوية منذ أواسط ثلاثينات القرن العشرين : يجب أن تزيد الحكومة من سيطرتها على المداخيل النفطية و تستعمل الثروة النفطية لتشجيع التطوّر و تسمح لعدد أكبر من الناس بتقاسم نِعَم النفط . و يعوّل تشافيز على أسعار نفط عالية متصاعدة تشدّ أزره لتغطية المصاريف المتنامية للحكومة و على الحضور المتزايد للدولة فى الإقتصاد و على الأسعار المدعومة لبعض المنتوجات المحلّية ( أساسا الغازولين ) و لكن أيضا السلع الإستهلاكية المستوردة ، بما فى ذلك المواد الغذائية ) . فى 2004 ، 1.7 بليون دولار منميزانية الشركة التى تملكها الدولة منح لصندوقالبرامج الإجتماعية ،و بعد ذلك بقيليل صار 4 بليون دولار سنويّا .(6).
بعد إعادة هيكلة إدارة شركة النفط التابعة للدولة ، توجه تشافيز إلى العمل على ثلاثة محاور للرفع إلى أقصى حدّ من مداخيل النفط حسب برنامجه . لقد بحث عن توسيع إنتاج النفط .
وهو يبحث عن توسيع ملكية الدولة و حصص الحكومة من المرابيح و الإكراميات الملكية و الأداءات المتأتية من النشاط الأجنبي على الأراضي الفنيزويلية فى القطاع الكيميتوي ( النفط و الغاز الطبيعي و الفحم الحجري ) . وهو يبحث عن أسواق جديدة للنفط بغاية مزدوجة هي إستيعاب المنتوج الموسّع و كسند ضد ضغط الولايات المتحدة و ردّ فعلها الممكنين. و هذه ليست مجرّد أساليب تقنية للإدارة الإقتصادية ، إنّها مرتبطة بمنطق رأسمالي ، وهي تحفل بتناقضات تطوّر تابع تقوده الإمبريالية .
بشأن المسألة الأولى ، يدعو المخطّط الخماسي الإستراتيجي ( مخطّط " بذر النفط " ) فى مرحلته الأولية من 2005 إلى 2012 ، إلى رفع الإنتاج من المستويات الحالية ( 2006 حسب التقديرات ، بين 2.8 إلى 3.3 مليون برميل يوميّا ) إلى 5.8 مليون برميل من النفط يوميّا فى 2012 . و فى صناعة الغاز ،و قع التخطيط أيضا لتطوّر مشابه .
قدّرت شركة البترول التى تملكها الدولة " بترول فنيزويلا " سنة 2006 أنّ هذه المرحلة من التوسّع تتطلّب حوالي 75 بليون دولار لتمويل الإستثمار الجديد. من أين ياتي هذا المال ؟ غالبيته ستأتى من شركة النفط التابعة للدولة . و يتوقّع أن توفّر مصادر خارجية و أخرى خاصة حوالي 25 إلى 30 بالمائة : قروض من البنوك تعادل مداخيل النفط المتوقّعة ، و إستثمارات من شركات النفط الأجنبية فى فنيزويلا . (7) .
يعوّل تشافيز على الإنتاج المتنامي لما يسمّى الحزام النفطي لأورينوكو وهي منطقة تقع وسط البلاد تمتّعت بإستثمارات كبرى من طرف الشركة التابعة للدولة و العاملين الأجانب فى الميدان ، مثل آكسون موبيل ،و كونوكوفليبس و شركة طوطال الفرنسية . منذ تسعينات القرن العشرين ، إستثمرت هذه الشركات الإمبريالية العالمية أكثر من 17 بليون دولار يمكن أن تكون قيمتها إرتفعت إلى 30 بليون . و إستخراج هذا النفط الخام الثقيل جدّا و تكريره يستدعيان إستثمارا باهض الثمن فى آلات ثقيلة ،و معالجة و مركّبات تخزين . و المعالجة الجزئية للنفط على عين المكان لجعله سائلا بما فيه الكفاية للمروو عبر القنوات ، تنتج قدرا هائلا من إتلاف الآلات .
هناك تناقض حاد . من جهة ، يجب على الدولة أن تستخرج مواردا مالية من الصناعة النفطية لإنجاز مخطّطاتها للتطوّر و النفقات الإجتماعية ( و بصفة متصاعدة تدعيم القاعدة السياسية لنظام تشافيز ) . و من جهة أخرى ، يجب عليها أنتستثمر لتحافظ على القدرة التنافسية للصناعة النفطية كمؤسسة رأسمالية فى السوق الرأسمالي العالمي . ( 8 ) .
مجدّدا يوجد هنا صراع كبير . فى السنتين الأخيرتين ، إستهلكت بعض المشاريع الإجتماعية قسما ضخما من ميزانية الشركة التابعة للدولة أكبر من النفقات على الصيانة و القدرة النفطية الجديدة . و يضع هذا الإنفاق الإجتماعي للحكومة حدودا للإستثمارات المطلوبة فى القطاع النفطي . و قول إنّ إستثمارات " مطلوبة " ليس إصدار موقف تقني محض و إنّما الإستثمارات " نطلوبة " من وجهة نظر إقتصاد مصدّر للنفط و ما تفرضه السوق العالمية – تحسين الجدوى و تعويض الإنهيارات الممكنة فى الأسعار بإستثمار واسع . و نظرا لكون آبار النفط الفنيزويلية جدّ قديمة ، فإنّ الإنتاج يتراجع ب 23 بالمائة سنويّا – و بالتالي من الضروري حفر آبار جديدة فقط للحفاظ على المقدرة الإنتاجية . (9) و هناك ضغط المنافسة على السوق العالمية وهي تشتدّ جراء المستويات المنخفضة من الإستثمار فى قطاع النفط الفنيزويلي مقارنة ببلدان أخرى منتجة للنفط لتطوير الصناعة و توسيعها و للحفاظ على نسبة الربح.
لئن تقدّمت الإستثمارات الأجنبية لتمويل القسم الأعظم من مخطّط " سيمبرا " ( بذر النفط ) ، سيحمل هذا الإستثمار معه سيطرة حقيقية و يضع رافعة حقيقية بأيدي هؤلاء المستثمرين الأجانب . و من المهمّ أن نتذكّر هذا . ليست فنيزويلا خارجة عن قاعدة السيادة الشكلية على نفطها . فثلاثة أرباع موارد النفط و الغاز العالميين و نصف الإنتاج العالمي تسيطر عليها شركات النفط التابعة للدولة الوطنية مثل آرامكو السعودية و نفط الكويت و الشركة التابعة للدولة الجزائرية . لكن شركات نفط الدول الوطنية تعوّل على التمويل العالمي و تعمل وفق قنوات التجارة و السوق العالميين و تتعاون مع شركات النفط العالمية المرتكزة فى الغرب مثل آكسون موبيل . و لهذه الشركات العالمية و شبكاتخدماتها ميزة تنافسية قويّة : على مستوى المدى و القدرات الإدارية و التقنية و الإمكانيات المالية و المساندة التى تتلقّاها من قبل الحكومات الإمبريالية الغربية ،و القدرة على رفع التحدّيات فى بلد مثل فنيزويلا .
وبشأن المسألة الثانية فى برنامج تشافيز النفطي أي الترفيع فى الأداءات و الإكراميات الملكية نقول إنّ فى أفريل 2006 ، أعلن تشافيز نيّته أن يرفع من حصّة الشركة النفطية التابعة للدولة فى المشاريع الكبرى من 40 بالمائة إلى ستين بالمائة . و أخذت حكومة تشافيز تخلق أشكالا جديدة من الشراكة ( ما يسمى الآن " الشركات المشتركة") مع شال و شوفرون و بريتش بتروليوم و غيرها . المصادر النفطية و الأرباح ملكية مشتركة فى شكل شركات موحّدة جديدة – فقط الآن تحصل الحكومة الفنيزويلية على قسط أعلى من الأرباح نسبة لما كان يحدث سابقا بينما تتمتّع الشركات النفطية الأجنبية ذاتالإستثمارات الكبرى بأسعار النفط العالية و بالتنقيب عن حقول نفط مربحة جديدة . و فى نفس الوقت ، تفاوضت الحكومة مع ال22 شركة أجنبية عاملة بفنيزولا لبلوغ إتفاق حول قانون أداءات جديد له مفعول رجعي .
فى غرّة ماي 2007، شدّد تشافيز على إنذاره الأخير للشركات الغربية إ/ّا أن تقبل بقسم أكبر من الملكية لحساب الحكومة الفنيزويلية و إمّا أن توقف عمليّاتها . قد يكون تشافيز مفاوضا صعب المراس ( و قد نجح فى الحصول على نسبة أكبر من المداخيل النفطية المرتفعة من الشركات التى تريد البقاء وهي مستعدّة لتعويض الخسارة فى قيمة إستثماراتها و الحصول على أرباح طائلة ). و فى نفس الوقت ، للإبقاء على هذه المشاريع عاملة و للمضي قدما فى مخطّطات التوسيع ، يتعيّن على تشافيز أن يبلغ نوعا من التفاهم مع الرأسمال الأجنبي بما أن هذه الشركات توفّر التمويل و التقنية الأساسيين . لذا تمّ التلطيف من تهديد إيقاف العمليّات مع إلتزام بتعويض الشركات . ( 10).
و المسألة الثالثة فى برنامج تشافيز النفطي هي إعادة هيكلة علاقات التجارة الخارجية لفنيزويلا بعيدا عن التبعية للولايات المتحدة كسوق و مصدر للرأسمال المستثمر و المهارة التقنية . تعدّ فنيزويلا مصدر أكثر من 12 بالمائة من ما تورّده الولايات المتحدة يوميّا من النفط وهي تنهض بدور إستراتيجي معيّن فى قدرة الولايات المتحدة على مدّ سلطتها فى العالم . لكن الوجه الآخر من المعادلة أكثر دلالة إذ هي تسجّل مظهرا من التبعية الهيكلية لفنيزويلا : 12 بالمائة من واردات الولايات المتحدة من النفط تساوي بالنسبة لفنيزويلا 60 بالمائة من مجمل صادرات فنيزويلا النفطية ! ( 11)
عند البحث عن تنويع الأسواق ، فتح تشافيز باب التفاوض مع الصين و خطّط لأن تبيع فنيزويلا النفط للصين ، ثاني أكبر مستهلك عالمي للطاقة ، و إلى الهند أيضا . إلاّ أن خدمات هذه الأسواق مكلفة جدّا . و ليس لفنيزويلا ميناء يطلّ على المحيط الهادي و ليس بوسع البواخر الكبرى المرور عبر قناة الباناما , لذا ستحتاج فنيزويلا إلى بناء قنوات عبر موكمبيا لأجل تحميل النفط بالبواخر . و النقل البحري إلى آسيا مكلف بإعتبار المسافات الطويلة المعنية . وفضلا عن ذلك ، ليست للصين القدرة المناسبة لتكرير الضغط الخام الفنيزويلي الغني بالكبريت . و الصين تستثمر حجما كبيرا من المال لرفع قدراتها لكنّها أيضا تنقّب عن النفط و الغاز قرب سواحلها جنوب بحر الصين وهي تتصيّد كذلك صفقات فى منطقة بحر قزوين .
إنّ العلاقة مع الولايات المتحدة عقدة صعبة للحلّ بالنسبة لتشافيز لا سيما إذا كان النفط هو حجر زاوية التطوّر . هناك فرب مسافة سوق الولايات المتحدة و إنخفاض تكلفة النقل . و هناك مصانع تكرير النفط فى الولايات المتحدة وهي مناسبة لتكرير نفط فنيزويلا . و لا تزال الولايات المتحدة أهمّ شريك تجاري لفنيزويلا ( و التجارة بين البلدين إرتفعت ب 36 بالمائة فى 2006). هذا ضغط من الضغوط الممارسة على تشافيز للإبقاء على علاقات إقتصادية مستقرّة مع الولايات المتحدة (12) ، حتى و إن كانت للولايات المتحدة مخطّطا أخرى .
و جزء من إستراتيجيا تشافيز للتنويع يشمل إستدعاء الشركات الأجنبية من خارج الدائرة التقليدية للشركات الكبرى الغربية للإستثمار فى الصناعة النفطية الفنيزويلية و للمساهمة فى مخطّطها لمشروع غاز قاري يمتدّ من فنيزويلا وصولا إلى الأرجنتين جنوبا . و يشكّل هذا جزءا من جهود تشافيز لخلق المزيد من الإستثمار و العلاقات التجارية المتبادلين . يغازل تشافيز شركات من الهند و الصين و روسيا و أماكن أخرى . ويرحّب تشافيز بمخطّطات الإستثمار فى أمريكا اللاتينية على أنّها مناهضة لمشروع الولايات المتحدة لدمج المنطقة.
لكن سواء كان ذلك فى فنيزويلا أو أي مكان آخر فى أمريكا اللاتينية ، جوهر هذه المشاريع هو إستثمار شركات رأسمالية ...وفق طرق الإستغلال الرأسمالية ... تقاس بمعيار الربح الرأسمالي . و لهذه المشاريع تبعات إجتماعية هائلة على السكّان المحلّيين بما فى ذلك نقل السكّان الأصليين من مناطق سكنهم . و لها تداعيات بيئية ضخمة .( 13).
يجب على تشافيز أن يضمن للمستثمرين القدامي لمدّة طويلة و الجدد بيئة معدّة للقيام بالعمل مستقرّة نسبيّا . و من الأمور المعبّرة أنّ نظام تشافيز قد إعتبر القطاع النفطي " صناعة إستراتيجية ". المتحكّم فى هذا القطاع هي الإدارة التى تعيّنها الدولة ( فهي صناعة حيث تمنع مشاركة العمّال ، أمّا حدودها و طبيعتها الحقيقية فسنناقشهما فى الآتي من مقالات هذه السلسلة ).
و قد أبدى مناصر لتشافيز ذو فكر نقدي ملاحظة مفادها : " توفّر " المشاريع التجارية المشتركة " واقع محقّق للذين تعوّدوا على حمية من خطابات تشافيز ... لكن فى الأوضاع الراهنة ، من التناقض الظاهري ، قد يكون إتفاق فوستيان مع الرأسمال الأجنبي ضروريّا لإبعاد قوى الإمبريالية [ ضغوطات الولايات المتحدة و تدخّلاتها ] عن ظهر فنيزويلا " (14).
و هذا يمسك بالكثير من " أفضل " الفرضيّات بشأن إستراتيجيا تشافيز للتطوّر المعتمد على النفط . لكن " أفضل " الفرضيّات هذه تنهض على عدم فهم الإمبريالية . مهما كان عدد أنصار تشافيز راغبون فى تغيير إجتماعي حقيقي ، فإنّ الماء البارد " للواقع المحقّق " جدير بمزيد المتابعة .
التطوّر السجين فى عصرنا الراهن :
تتمظهر الإمبريالية ليس فحسب من خلال الغطرسة الإقتصادية أو التهديد و التدخّل العسكريين – و النشاط العسكري للولايات المتحدة ضد فنيزويلا غير " مستبعد " بتاتا .إنّها تتمظهر كذلك من خلال هيكلة سير الإقتصاد العالمي و الهيكلة الإقتصادية و الإجتماعية لفنيزويلا تعكس و تعزّز التعويل على النفط و التبعية للسوق العالمية .
يواصل تشافيز إنتهاج منوال من التنمية يقوده التصدير و يتمحور حول الصناعة النفطية . لا عقلانية إقتصاد متلائم أيما تلاؤم مع النفط تجد تعبيرها فى كون 20 بالمائة فقط من الإنتاج النفطي العام لفنيزويلا يساهم فى الإقتصاد المحلّي . (15) كما يجد تعبيره فى كونه بينما الشركة التابعة للدولة الفنيزويلية هي أكبر مشغّل وحيد فى البلاد ، ب 45 ألف مسجلين ، فإنّ التشغيل فى قطاع النفط يُقدّر بأقلّ من 1 بالمائة من قوّة العمل الجملية لفنيزويلا . ( 16 ) و يجد تعبيره أيضا فى كونه بالرغم من إرتفاع أسعار النفط و المرابيح ، فإنّ البطالة رسميّا فى فنيزويلا تتراوح بين 8 إلى 15 بالمائة فى سنوات تشافيز ، بنسبة فقر 30 بالمائة فى بداية 2007 . (17).
هذا إقتصاد مشوّه بعمق : اليوم ن يعدّ قطاع النفط وهو مؤشّر لمدّة طويلة قبلا ، حوالي ثلث الإنتاج القومي الخام لفنيزويلا ، و 50 بالمائة من مداخيل الحكومة و 80 بالمائة من مداخيل صادرات فنيزويلا. وهي أحد أكبر المنتجين فى العالم ، فنيزويلا من أكبر نافثى غازات الكربون فى أمريكا اللاتينية و لها أعلى نسبة للفرد الواحد فى نفث الكربون . (18)
إقتصاد تصدير النفط يعنى شكلا من التطوّر السجين . فمثل هذا التطوّر يستجيب إلى مصادر ديناميكية إقتصادية خارجية : سوق النفط العالمي ، و شروط طلب الإقتصاديات الكبرى الإمبريالية و المناطقية ، ولنسق و توجه إنسياب رأس المال إلخ . و مثل هذا التطوّر للرأسمال الكثيف و لتصدير سلعة واحدة حاجز يحول دون التطوّر المندمج و الشامل للفلاحة و الصناعة فى البلد المصدّر .
هنا من الضروري تحليل المظهرين المرتبطين بالتطوّر التبعي : التشوه و التعرّض الشديد لمضار السوق العالمية .
فى الأمم المضطهدة ، يتطلّب القطاع النفطي إستثمارا ضخما فى التجهيزات و التقنية المتقدّمة . و هذه المطالب التقنية تلبّي بصورة غير متناسبة من خارج الإقتصاد – الكثير من التقنية المتقدّمة التى يقتضيها قطاع النفط سواء تورّد ما يتطلّب تبادلا خارجيّا للحصول على ثمن السلع الرأسمالية المورّدة أو يتمّ الحصول عليها منخلال الشركات التجارية المشتركة ( شركات النفط الأجنبية المعنية ،مثل هاليبورتن ، توفّر التقنية محلّيا أو تقتنيها من السوق العالمية ).
و إضافة إلى ذلك ، لا يمكن نشر غالبية هذه التقنية و أقلمتها عبر الإقتصاد لتثوير الإنتاج الإجتماعي . و مردّ هذا سببان إثنان . أوّلا ، الكثير من التقنية المختصّة فى تكرير النفط و التقنية الهندسية للنفط لا تتماشي مع جميع ظروف التطوّر الإقتصادي – الإجتماعي . ثانيا ، حتى حيث يمكن أن تككون لبعض هذه التقنية تطبيقات مفيدة مباشرة و غير مباشرة ، لا توجد هيكلة إقتصادية واسعة التركيز يمكن أن تضاف إليها الفوائد – بالضبط لأنّ للتركيز على النفط تطوّر حدوده مفروضة فرضا.
و قطاع النفط ليس يحثّ بصفة ذات دلالة على طلب جديد لمنتوجات صناعية محلّية ،و لا هو يفرز رفعا إجتماعيّا فى القدرات المفيدة لقوة العمل عموما . لا وجود لسيرورة تطوّر فلاحي صناعي تعزّز القدرة المحلّية على التعويل على التقنية و أقلمتها . و هذه هي تبعات التطوّر السجين المعتمد على النفط. (19).
فى ظلّ تشافيز ، كانت شركة النفط التابعة للدولة تبحث عن إتفاقيات مع الشركات النفطية الأجنبية واضعة شرط الدخول إلى فنيزويلا إستعمال معدّات نفطية محلّية . لكن بما أنّ الموارد النفطية إستنزفت، و بما أنّ صيرورة و إستخراج و تكرير النفط الخام الفنيزويلي الثقيل و الغني بالكبريت صارت عمليّة تواجه تحدّيات متفاقمة ، تظهر الحاجيات غلى تقنية جديدة . و نظرا لأنّ الطلبات تلبّي بتقنية اكثر إختصاصا و مهارة ، فإنّ البون التقني بين قطاع النفط و بقية الإقتصاد يعاد إنتاجه على مستوى جديد . (20).
و فى نفس الوقت ، فإنّ الميناء الكبير و تسهيلات القنوات و إستثمارات أخرى فى البنية التحتية لتسهيل التصدير و إستخراج النفط و الفحم الحجري و نقلها بحريّا لا يستجيب للحاجيات العامة للإقتصاد- مرّة أخرى لأنّها تخدم هذه المشاريع الأكثر إنغلاقا على الذات و الموجّهة نحو الخارج مثل مشاريع الحزام النفطي لأورينوكو .
و مثلما سبقت الإشارة ، يساهم قطاع النفط عموما بجزء بسيط من التضغيل العام . فإستثمار شوفرون الضخم ب 3.8 بليار دولار فى الحزام النفطي لأورينوكو فى البداية خلق 6000 موطن شغل – و مع نهايته ، سيحتاج المشروع ل 700 عامل قار فحسب .
هذه مظاهر الطابع السجين للتطوّر المعتمد على النفط . لكن هنا يوجد إشكال : تأثّرت الهيكلة العامة الفلاحية الصناعية بعمق و سطّحها قطاع النفط . هناك لاتكافئ شديد بين مستويات الإنتاجية و الأجور و الديناميكية التقنية لقطاع نفطي حديث و القطاعات الأخرى من الإقتصاد ، و مثلما سيتمّ نقاش ذلك بإقتضاب ، للصناعة النفطية تبعات سلبية على الفلاحة المحلّية و إنتاج المواد الغذائية. و فى نفس الوقت، بناء قطاع النفط التابع للدولة الرأسمالية يعزّز المصالح الطبقية و القوى الطبقية التى لها مصالح قويّة فى الحفاظ على الهيكلة الإقتصادية العامة المهيمنة .
يقتضى تطوير قاعدة فلاحية يمكن أنتلبّي الحاجيات الغذائية للمجتمع و توفّر التشغيل فى الريف و تتطوّر من خلال روابط التعزيز المتبادل مع هيكلة صناعية مندمجة و متوازنة ، يقتضى :
أ- تمويل و أولوياّت مختلفين جدّا فى ما يتصل بالموارد الموضوعة فى خدمة حاجيات المستغَلين و المضطهَدين الآن ، و
ب- القطع مع المنطق الإقتصادي و التوجّهات الهيكلية و الضغوط المحلّية و ضغوط نظام السوق الرأسمالي العالمي ( ما يطلق عليه الماركسيّون قانون القيمة ).
ضغوطات الإقتصاد العالمي و تضييقاته :
و هذا يجرّنا إلى المظهر الثاني من التطوّر المعتمد على النفط . قطاع النفط هو نقطة الوصل الرئيسية بالإقتصاد العالمي .إنّه ينقل الأسعار العالمية و يحدّد نسب العملة الأجنبية . وهو يفرض فعاليّات تنافسية عالمية على الإقتصاد الفنيزويلي : يجب على قطاع النفط أن يسير وفق مستويات معيّنة من الإنتاجية ما يفرض إستثمارات و أنظمة إستغلال فعّالة للعمّال . و تنتقل تموّجات سوق النفط العالمي إلى الإقتصاد الفنيزويلي .
ما هي بعض إنعكاسات هذا و تأثيراته ؟
لقد ولّدت الصادرات النفطية نسبة تبادل عالية تجعل من المنتوجات المحلّية الفلاحية منها أو الصناعية غير تنافسيّة فى الأسواق العالمية و المحلّية . ثمار أسعار تصدير النفط غير المنتظرة تضعف حوافز تطوير الفلاحة المعتمدة على الفلاحين و نسبة عملة أجنبية كبيرة تتميّز بمقدرة شرائية عالية تجعل " نسبة تكلفة " إستيراد السلع مثل المواد الغذائية التى يمكن أن تنتج بأسعار أرخص فى ما وراء البحار مقارنة بإنتاجها محلّيا . و قد ساهم هذا فى تحوّل اليد العاملة عن الإنتاج الفلاحي و التصنيع المحليين نحو قطاعات الخدمات و التجارة و بصفة أخصّ نحو " الإقتصاد غير الرسمي " ( لباعة الشوارع نو التشغيل غير القانوني للعمّال مع ضعف الحماية الإجتماعية ).
و قد تراجعت مساهمة الفلاحة فى الدخل القومي الخام لفنيزويلا من 50 بالمائة سنة 1960 إلى حوالي 6 بالمائة عندما غستلم تشافيز السلطة سنة 1998 . و قد إستوردت فنيزويلا تقليديّا حوالي 75 إلى 80 بالمائة من موادها الغذائية من الخارج ، رغم ثراء أرضها و مواردها المائية .( 21).
هذا هو منطق الرأسمالية العالمية وهو يواصل عرقلة تطوّر مستديم للفلاحة و ضمان إكتفاء ذاتي غذائي فى فنيزويلا. هذا هو سير قوى السوق العاملة من خلال التجارة العالمية و السلعة الإستراتيجية ، النفط ، و تأثيرهما على نسب التبادل .
لقد إستفادت إدارة تشافيز من إرتفاع أسعار النفط خمس أضعاف منذ بلوغه السلطة. و قد إرتفعت هذه الأسعار بسرعة لبعض الوقت و مكّنت النظام من توسيع البرامج الإجتماعية و تأمينها .
لا شكّ فى أنّ هذه البرامج قد جلبت بعض الفوائد للفقراء : شيء من التحسينات و لو أنّها محدودة فى ما يتعلّق بالرعاية الصحّية و الحصول على الغذاء و بعض الأشغال العمومية ووسّعت الضمان الإجتماعي و كهرباء بسعر أرخص إلخ . و قد تمتع الإقتصاد الفينيزويلي بدافع الطلب على النفط بنسب عالية جدّا من النموّ طوال السنوات الثلاث الماضية .
لكن ينبغى التشديد على شيئين إثنين :
أوّلا ، يجاوف تشافيز و يعوّل على إستمرار الإرتفاع الكبير فى الأسعار و الطلب . يجب بيع النفط بأكثر من 30 دولار البرميل حتى تصبح الإستثمارات الضخمة فى النفط الثقيل للغاية التى قام بها تشافيز مربحة . و إنهيار فى أسعار النفط ستكون تبعات كارثية على المستثمرين الأجانب و على شركة النفط التابعة للدولة و على خزينة الدولة . و يسعى تشافيز إلى جعل الإنتاج مستقرّا و الأسعار فى مستويات مربحة .
و بالرغم من تدفّق مداخيل النفط ، كان على الحكومة أن تقترض قروضا كبرى من البنوك الفنيزويلية لتغطية عجز مالي كبير متنامي ( من المنتظر أن يبلغ عجز الحكومة 5 بالمائة من الدخل القومي الخام فى 2007 ) (22). و من هذه القروض ما نجم عن قرار تعويض الشركات النفطية الأجنبية لأجل قسط أكبر من حصّة الحكومة فى عمليّاتها ( تشافيز ليس نصدد مصادرة الشركات النفطية و إنّما هو يعقد معها صفقات بغية أن يمتطي أسواق النفط ). و الطبقة الوسطى و نمط الإستهلاك المترف تتماشى و إقتصاد نفطي معتمد على الإمبريالية ، و النفقات الإستهلاكية عالية للغاية و ديون الإستهلاك تنمو مع نموّ مداخيل النفط . فى جوّ " ثمار غير منتظرة " نفطية ، تمتّعت البنوك المحلّية و الأجنبية بطفرة لا تتصوّر فى الأرباح و نسبة عائدات ب 33 بالمائة فى 2006 و صفتهاجريدة عالمية مختصّة فى البنوك ب " مثار حسد بنوك العالم " ( 23) .
و يبذل تشافيز جهودا كبيرة لتعزيز جبهة أسعار قويّة صلب الأوبيك . لكن سوق النفط عرضة لكافة أنواع التقلبات الإقتصادية و التطوّرات الجغرافية السياسية ، أهمّها أنّ الأوبيك ليست منظّمة متحدة، تحدّد الأسعار بإستقلالية . ( 24 ) .
أسواق المضاربة الحالية و " المستقبلية " المرتكزة فى نيويورك و لندن و سنغافورا تلعب الآن دورا مفتاحا فى تحديد أسعار النفط . و هناك بلدان منتجة للنفط خارج الأوبيك مثل روسيا يؤثّر إنتاجها النفطي و تسويقها على الأسعار العالمية . و هناك تنافس عالمي ضمن المناطق النفطية فى العالم . و النفط صناعة تجرى على دورات مرتهنة بالظروف الإقتصادية العالمية . بالضبط قبل تسع سنوات ، كان نفط فنيزويلا يباع بحوالي 10 إلى 12 دولاراللبرميل ( مقارنة بسعر اليوم ، أكثر من 60 دولارا ) .
بالمفهوم الجغرافي السياسي ، لن ترحّب الولايات المتحدة بأية تغيّر فى المسك بسلطة الأوبيك بعيدا عن العربية السعودية نحو فنيزويلا . ( المساومة الإمبريالية مع أمراء السعودية و شيوخ الخليج هي أن يضمنوا تزويدا مستقرّا بالنفط مقابل أن توفّر لهم الولايات المتحدة الحماية العسكرية من " الجيران " ). و فضلا عن ذلك ، عبر " تغيير النظام " و علاقات العمل الأقرب مع المنتجين فى حوض بحر قزوين و فى أفريقيا ، كانت الولايات المتحدة و أنجلترا يبحثان عن سيطرة أشمل على ظروف التزويد .
ثانيا ، لم يقم نظام تشافيز إلاّ بالقليل للتخفيف من تعويل الإقتصاد على النفط و لتنويع القاعدة الإقتصادية لفنيزويلا ، أو ليوسّع على نحو هام الإنتاج الفلاحي . " بذر النفط " قد عني بالأساس تمويل المشاريع الإجتماعية و توسيعها .
و بالفعل ، إذا أخذنا موضوع الغذاء مثلا ، فإنّ الحدود والتناقضات تصبح أجلى .فإحدى أكثر " مهمّات" تشافيز المحتفى بها ( الحملات الإجتماعية و تمويل الصحّة و التعليم و السكن و الغذاء إلخ ) هي مهمّة مركال . و قد عيّنت هدفها الإستراتيجي ضمان الغذاء وطنيّا . و يوفّر هذا البرنامج غذاء بأسعار منخفضة لفئات من الفقراء ( و لفئات عريضة فى المدن ) عبر شبكة من الأسواق و مخازن التزويد و مراكز التوزيع – التغذية. و كان هذا ليكون إجراء إستعجليّا هاما و جبت مساندته فى مجتمع ثوري حقّا.
لكنّه ليس برنامجا لضمان حقيقي للغذاء بل هو إعادة توزيع أي شكل من توزيع حصص مؤونة و تعويض فى الأسعار . ليس جزء من برنامج أشمل لإعادة توجيه جذري للإقتصاد بعيدا عن التبعية للخارج فى النفط و إستيراد المواد الغذائية . ليس جزء من مشروع إشتراكي لبناء أساس هيكلي جديد تماما لتطوّر فلاحي – صناعي متوازن و مندمج يمكن أن يوفّر حاجيات المجتمع المعيشية و الغذائية . و بالفعل ، مهمّة مركال تقوم على الإستيراد و إقتناء البضائع من ذات الشركات العالمية التى هيمنت تقليديّا على قطاع المواد الغذائية فى فنيزويلا . ( 25). و هذا تعبير مستمرّ عن نقص الإندماج الإقتصادي الداخلي لفنيزويلا .
هنا ، مثلما مع مبادرات أخرى ، سيمتدّ أي إنخفاض أو إنهيار فى أسعار النفط العالمية بصفة واسعة و مدمّرة عبر الإقتصاد و سيهدّد جدّيا هذا النوع من البرنامج الإجتماعي . من منظور القيام بثورة إشتراكية حقيقية فى أمّة مضطهَدة ، هناك مهمّة عاجلة للمرور سريعا و حيويّا نحو تحرير المجتمع من التبعية الغذائية و التشويه الهائل للأنظمة الفلاحية و الغذائية من قبل الإمبريالية . سيهاجمك الإمبرياليون وسيقاطعونك و سيسعون تماما ... إلى تجويعك .
لخّصت معالجة متعاطفة مع " الثورة البوليفارية " أنّ ط أسواق النفط العالمية مستمرّة فى كونها العامل الوحيد الأوفر تأثيرا فى تحديد آفاق السياسة الإقتصادية لفنيزويلا " ( 26 ).يمكن لتشافيز أن يصرخ فى وجه صندوق النقد الدولي لكن كيف يمثّل هذا بديلا لليبرالية الجديدة التى تملى جزئيّا ضمن ما تمليه أن يتخصّص كلّ بلد فى " ميزته النسبية " فى التقسيم العالمي للعمل ، يرفع إلى أقصى حدّ منمداخيله من التصدير ، و يستورد الغذاء الرخيص و يزوّد مداخيله من أجل التطوّر ؟
خاتمة : السعر الإجتماعي للنفط فى ظلّ الإمبريالية أم طريق آخر ممكن :
ليس النفط " ثروة " ينبغى إختطافها .فبلدان نفطية غنية من فنيزويلا إلى إيران إلى الجزائر إلى أندونيسيا شهدت طفرات فى التصدير أفرزت لامساواة و بؤسا إجتماعيا. ميزانيّات الحكومات تنتفخ بالبترودولار تداعت ( كما حصل فى فنيزويلا أواخر ثمانينات القرن العشرين و بدايات التسعينات منه). فى نيجيريا ، هناك " المكسب التقني " لبناء الرأسمال الأجنبي لبنية تحتية يمكن أن تستخرج النفط من غابة إستوائية مثقلة بالماء . – فى حين أن القرى المجاورة تعيش دون طاقة أو دون ماء نظيف . عندما عوّضت أنظمة أكثر وطنية الصفوة القديمة التى كانت عميلة و كلب حراسة لدى الإمبريالية ،مثلما حصل فى إيران فى خمسينات القرن العشرين ، لم تتردّد الولايات المتحدة فى التحرّك ضدّها . لا يجب قطع ضخّ " الذهب الأسود " لمدّة طويلة .
إنّ ثورة إشتراكية حقيقية لا تستهدف الإجتهاد من أجل توزيع أعدل لمداخيل النفط ولا تحاول تعزيز التجارة فى المنطقة و الكتل النفطية التى لا تفعل سوى المزيد من إستغلال الناس و تبذير الموارد الطبيعية ، و لا تطلب من الشركات النفطية الكبرى أن " تعترف بمسؤوليّاتها الأخلاقية و الإجتماعية " ( نعم يمكنهم الذهاب إلى موقع شوفرون تكساكو على الأنترنت فتجدوا معلومات عن البرامج التعليمية و الصحية التى أنشأوها فى فنيزويلا ) .
فالمسألة تطرح على النحو التالي : الإقتصاد النفطي المعاصر ليس شيئا محايدا متكوّن من حسابات إنتاجية و تقنية . إنّ إنتاج النفط الموجه للتصدير يدخل ضمن علاقة بالإقتصاد الإمبريالي العالمي ، إنّه مرتبط بحبال سيطرة و تبعية ، مرتبط بحبال تحدّ بشدّة من القدرات الإبداعية لجماهير الشعب . و هذه العلاقة يجب قطعها من خلال ثورة تطيح بالنظام القديم و بسلطة الدولة .
حينما تفتكّ البروليتاريا و جماهير الشعب السلطة فى المجتمعات المضطهَدة ، لا يمكن أن يكون الهدف تولّي أمر أو إعادة برمجة إقتصاد مشوّه معتمد على النفط ، إقتصاد مغلق التطوّر و يعرّض المجتمع و الحياة الإقتصادية إلى الأوامر المدمّرة للنظام العالمي . بالأحرى ، ينبغى للثورة أن تتخلّص من ذات جذور مثل هذا الإقتصاد بُعية كسر طوق السيطرة الإمبريالية و تجاوز تشويهات التطوّر الذى تقوده الإمبريالية .
عوض الإقتصاد القديم ، يترتّب بناء إقتصاد تحرّري جديد : إقتصاد أساسه ينبغى أن يكون الفلاحة ، إقتصاد له صناعة متنوّعة و لامركزية فى خدمة الفلاحة وحاجيات التطوّر الواسعة . ببناء مثل هذا الصنف من الإقتصاد فقط يمكن تلبية الحاجيات الإجتماعية الأساسية للشعب و تحقيق إكتفاء ذاتي نسبي فى عالم تهيمن عليه الإمبريالية .
ماذا سيكون دور النفط فى بلد مثل فنيزويلا ذى المواد النفطية الضخمة إن حدثت فيه ثورة إشتراكية حقيقية ؟ ستكون هناك حاجة إلى إعادة توجيه جذرية بعيدا عن موقع النفط المهيمن عليه تاريخيّا فى هيكلة الإقتصاد و سيره ز و هذا يستدعي قطعا حيويّا مع التطوّر الموجه للتصدير و المعتمد على النفط . سيظلّ النفط يضطلع بدور معيّن فى الإقتصاد إلاّ أنّ هذا سيكون مختلفا كمّيا ونوعيّا . ستبذل جهود مشتركة ومنسّقة عبر المجتمع للتقليص كثيرا من التعويل على النفط كمصدر للطاقة . و سيتجه المجتمع صوب بدائل أكثر حفاظا على البيئة لا سيما فى إستخراج النفط و تكريره ونقله إلخ ، لكن بالأساس فى تطوير طاقة متجدّدة كقاعدة للنموّ . و لن يبقى التقييم الإقتصادي – الإجتماعي أقصى درجة من الإنتاج أو أقصى المداخيل بل سيكون تطوير إقتصاد عادل ، عقلاني و مستديم بيئيا و قائم على النشاط الواعي للجماهير و خدمة المجتمع و الإنسانية ككلّ .
إنّ التطوّر الإقتصادي الإشتراكي يجب أن يخدم هدف تجاوز الإختلافات الكبرى بين المدينة و الريف ، بين الفلاحة و الصناعة ،و بين العمل الفكري و العمل اليدوي . و ينبغى على الإقتصاد الإشتراكي أن يسمح للمجتمع الثوري بأن يتصدّى للإمبريالية و يدعّم تطوّر الثورة فى أماكن أخرى من العالم . و لا شيء من هذا مكن دون سلطة دولة ثورية جديدة يمكن أن تقود هذه السيرورة إلى الأمام و تعبّئ الجماهير لإعادة صياغة المجتمع بأسره . ( 27 ).
و يعدّ تطوير الإقتصاد من هذا القبيل مهمّة معقّدة و ما سيزيد المهمّة تعقيدا هو إلغاءالسيولة الهائلة من المداخيل النفطية ، إلى جانب التعرّض للضغوطات الإقتصادية و السياسية و العسكرية الإمبريالية . بيد أنّ القضاء على التعويل على النفط و الدولة – النفطية و تبنّى إجراءات إقتصادية و إجتماعية قورية أخرى سيفتح الباب لجملة من الإمكانيات الجديدة لإنشاء إقتصاد تحرّري حقّا .
و علاوة على ذلك ، سلطة الدولة الإشتراكية ، فوق كلّ شيء هي سلطة دولة تمارسها طبقة البروليتاريا و هدفها هو إلغاء الطبقات و كلّ أنظمة الإنتاج الإستغلالية ،و كلّ العلاقات و المؤسسات الإجتماعية الإضطهادية و كلّ الأفكار و القيم التى تعكس و تعزّز إنقسام المجتمع إلى طبقات . برنامج الدولة الإشتراكية فى أي وقت معطى يجب أن يجسّد المشروع الشيوعي للمضيّ بالإنسانية فى هذا الإتجاه من خلال نضال و تغيير أوعي . (28 ).
فى ظلّ هوغو تشافيز ، تبقى فنيزويلا سجينة سجنا شديدا بين براثن الإقتصاد العالمي وبرنامج تشافيز يسير وفق قيمة الموارد النفطية فى السوق . حتى و إن وفّر هذا البرنامج تحسينا معيّنا على المدى القصير لظروف الجماهير لا يمكن أن يتواصل و لا يمكن أن يؤدّي إلى عالم يتجاوز الإمبريالية . و هوغو تشافيز لا يمثّل البروليتاريا بل يجسّد فئة من الطبقة الرأسمالية الفنيزويلية و البرجوازية الصغيرة الرديكالية التى تشجب اللامساواة الناجمة عن الهيمنة الغربية بيد أنّها لا يمكن أنتتصوّر القطيعة مع الهيمنة الإمبريالية المرتبطة بالنفط فى سير الإقتصاد الفنيزويلي و تطوّره .
========
الهوامش :
( ملاحظة من المترجم : ستجدون الهوامش باللغة الأنجليزية و مردّ ذلك أمران إثنان أولهما أنّى بهذا أوفّر فرصة أخرى للقرّاء باللغة الأنجليزية للإطلاع مباشرة على المراجع المذكورة فى لغتها الأصلية وثانيهما أنّى لم ألتمس فائدة كبيرة فى ترجمتها و قد رصدت أن الترجمة تفقد أحيانا المراجع المحال عليها قيمتها لكونها غير متوفّرة باللغة العربية و لأنّ ترجمة العناويين قد يظلّل الباحث عن متابعة الرابط الأصلي . و كان بإمكاني أن أقدم على خيار توفيقي نوعا ما أي أن أعرّب الهوامش و أردفها بالهوامش باللغة الأنجليزية وهو خيارإستبعدته هذه المرّة و قد ألجأ إليه فى أعمال قادمة كلّما رأيت ذلك ضروريّا.)
1.
Cited in Nicholas Kozloff, Hugo Chavez: Oil, Politics, and the Challenge to the U.S. (New York: Palgrave Macmillan, 2006), p. 7. No original Spanish-language source available. [back]
2.
Greg Palast, “Hugo Chavez,” Interview in Z, July 2006. http://www.zmag.org. [back]
3.
See Larry Everest, Oil, Empire, and Power: Iraq and the U.S. Global Agenda (Monroe, Me.: Common Courage Press, 2004). [back]
4.
On the growth of Caracas, see Allen Gilbert, The Latin American City (London: Latin America Bureau, 1998), pp. 7-11. [back]
5.
See J.P. Leary, “Untying the Knot of Venezuela’s Informal Economy,” naclanews, December 6, 2006. http://news.nacla.org. [back]
6.
U.S. Department of Energy, Energy Information Administration, Country Analysis Briefs, Venezuela, June 2004. http://www.eia.doe.gov. [back]
7.
On the 2006-2012 expansion plan and its costs and financing, see the statements and interviews by PDVSA officials at http://www.pdvsa.com. [back]
8.
These kinds of contradictions are pointed to in Fernando Coronil, “Magical Illusions or Revolutionary Magic? Chavez in Historical Context,” NACLA Report on the Americas, Vol. XXXIII, No 6, 2000. See this article and also the highly important analysis of the historical development of the rentier oil economy and modern Venezuelan state and various incarnations of plans to “sow the petroleum” in Fernando Coronil, The Magical State: Nature, Money, and Modernity in Venezuela (Chicago: University of Chicago Press, 1997). [back]
9.
See David Luhnow and Peter Millard, “As Global Demand Tightens, Oil Producer Has Agenda,” The Wall Street Journal, August 1, 2006. [back]
10.
See Simon Romero and Clifford Krauss, “Deadline Nears in Chavez Fight Against Big Oil,” The New York Times, April 10, 2007; Simon Romero, “Chavez Takes Over Foreign Controlled Oil Projects in Venezuela,” The New York Times, May 2, 2007. In his July 2006 interview with Greg Palast (see zmag.org), Chavez says about the foreign oil companies, “[W]e don’t want them to go, and I don’t think they want to leave the country, either. We need each other.” [back]
11.
Claude Larsimont, “Hugo Chavez, the Bolivarian Use of Petrodollars and the Oil Market,” ESISC Background Analysis 10/05/2006. [back]
12.
See James Surowiecki, “The Financial Page: Synergy With The Devil,” The New Yorker, January 8, 2007, p. 26. [back]
13.
On the environmental and human rights issues posed by Chavez’s petroleum and natural gas regional initiatives, see David Hallowes and Victor Munnik Poisoned Spaces: Manufacturing Wealth, Producing Poverty, http://www.groundwork.org.za, October 2006; “Open Letter to President Hugo Chavez,” Sociedad Homo et Natura, posted at http://www.nadir.org in April 2006. [back]
14.
Steven Mather, “Joint Ventures: Venezuela’s Faustian Pact with Foreign Capital,” Venezuelanalysis.com, September 30, 2006, http://www.venezuelanalysis.com. [back]
15.
Year-end data for 2006 from U.S. Department of Energy, Energy Information Administration. [back]
16. “
Venezuela: Minerals,” Encyclopedia Britannica Online, http://www.britannica.com. [back]
17.
Bernardo Alvarez, “Venezuela’s Global Agenda: Six More Years,” April 5, 2007, Venezuelanalysis.com, http://www.venezuelanalysis.com. [back]
18.
Data from U.S. Department of Energy, Energy Information Administration, Country Analysis Briefs, Venezuela, September 2006, http://www.eia.doe.gov. [back]
19.
The question of appropriate technology and whether raw materials investments spur linkages to other parts of the economy has been a long-standing topic of research and analysis on the part of radical, dependency, and Marxist theorists. The 2003 report by the Economic Commission for Latin America and the Caribbean, Foreign Investment in Latin America and the Caribbean, 2003 examines patterns of foreign investment in Latin America and questions supposed benefits and spillover effects resulting from natural resources investments. [back]
20.
On new oil seismic technology and highly sophisticated secondary and tertiary recovery methods, some of which are now being used in Venezuela, see Jad Mouawad, “Oil Innovations Pump New Life into Old Wells, The New York Times, March 5, 2007. [back]
21.
Food and Agricultural Organization, United Nations, “Feature: FAO in Venezuela,” 2002, http://www.fao.org/english/newsroom/news/2002/9788-en.html. [back]
22.
Simon Romero, “Chavez Rattles Takeover Saber at Steel Company and Banks,” The New York Times, May 7, 2007. [back]
23.
Jans Erik Gould, “Boom Times for Banks in Venezuela,” The New York Times, June 15, 2007; Mark Turner, “Banks Thriving Despite Chavez Bravado,” The Banker, March 5, 2007. http://www.thebanker.com. [back]
24.
On OPEC, see Cyrus Bina, “Limits of OPEC Pricing: OPEC Profits and the Nature of Global Oil Accumulation,” OPEC Review, Vol. 14 (1), Spring 1990. [back]
25.
Sarah Wagner, “Mercal: Reducing Poverty and Creating National Food Sovereignty in Venezuela,” Venezuelanalysis.com, June 24, 2005, http://www.venezuelanalysis.com. [back]
26.
Chesa Boudin, Gabriel Gonzalez, Wilmer Rumbos, The Venezuelan Revolution: 100 Questions—100 Answers (New York: Thunder’s Mouth Press, 2006), p. 141. [back]
27.
For Mao’s approach to self-reliant socialist development and the agriculture-industry relationship, see Raymond Lotta, ed., Maoist Economics and the Revolutionary Road to Communism (New York: Banner Press, 1994), especially chapter 7. [back]
28.
See Bob Avakian, Views on Socialism and Communism: A Radically New Kind of State, A Radically Different and Far Greater Vision of Freedom, revcom.us. [back]
2
إستفتاء فى فنيزويلا : مكيدة الولايات المتحدة و حدود مشروع هوغوتشافيز و تناقضاته.
" الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007.
لقد أثار هوغو تشافيز و مشروعه " الإشتراكية للقرن 21 " إعتماما كبيرا لدى عديد القوى التقدّمية و الراديكالية فى العالم . و قد تعرّض تشافيز كذلك إلى حنق الإمبريالية الأمريكية .
فى ديسمبر ، نظّمت فنيزويلا إستفتاء حول مقترحات تشافيز من أجل تعديلات كبرى فى دستور البلاد , و قد هُزمت المقترحات بفارق ضئيل . و كانت القوى الموالية لأمريكا جريئة فى هجومها عليه . و هناك مؤشرات على أنّ الوضع السياسي فى فنيزويلا فى إحتداد و قابل للإنفجار .
سبق و أن نشرت " الثورة " تحليلا هاما للإستراتيجيا الإقتصادية لتشافيز ، مبيّنا لماذا لا يقدّم طريقا للتحرّر ( " لهوغو تشافيز إستراتيجيا نفطية ... لكن هل يمكن لهذا أن يقود إلى التحرّر ؟ " ) لريموند لوتا فى العدد 94 ، 1 جويلية 2007 ، على الأنترنت بموقع
).
Revcom .us
و هنا فى الوقت الحاضر نقدّم بعض التحليل للتطوّرات الحديثة و نتطرّق لمواضيع هامة – كجزء من فهم طبيعة برنامج تشافيز و حدوده و كجزء من معالجة التحدّيات الحقيقية لإنجاز تغيير ثوري حقيقي فى عالم اليوم .
1- فرز أوّلي :
أُعيد إنتخاب هوغو تشافيز رئيسا لفنيزويلا فى ديسمبر 2006 ، و بُعيد ذلك ، أعلن نيته تغيير الدستور و من أكثر المقترحات جدلا هي تلك المتعلّقة بتوسيع سلطات الرئيس و تمكينه من إمكانية اللجوء إلى سلطة طوارئ خاصّة .
وقد قدّم تشافيز هذه الإصلاحات إلى جانب إجراءات لخلق مجالس حكم محلّية كخطوات هامة و ضرورية للسير نحو ما يسمّيه " إشتراكية القرن 21" . و قد وصف المعارضون الليبراليون و الرجعيون فى فنيزويلا الإجراءات على أنّها مقدّمة لحكم دكتاتوري.
وقد كانت الإمبريالية الأمريكية لاعبا و عاملا أساسيّا فى معركة الإستفتاء فقد ندّدت بتشافيز من خلال حملتها على أنّه " عدوّ الديمقراطية " . و دعّمت بسفور المجموعات الطلاّبية المناهضة لتشافيز التى نزلت إلى الشوارع ؛ و ضخّت الموال للقوى المناهضة لتشافيز .
و وفّرت وسائط الإعلام أرضية لمعارضي تشافيز من المستويات العليا – مثل راوول بودال وهو قا-د الجيش السابق لدى تشافيز ووزير دفاعه ،الذى تحوّل حديثا إلى مناهض لتشافيز . و قد دعا بودال ضبّاط الجيش إلى أن " يرقبوا جيّدا " التغييرات التى إقترحتها حكومة تشافيز " عن عجل و عبر إجراءات مزيفة " . و بهذا كان بودال يوجّه رسالة ، أو على الأقّل يضع تحسّبا من إمكانية إنقلاب .
و كانت الولايات المتحدة منخرطة فى حملة شنيعة ضد تشافيز و تتآمر على الأرض ( و نشرت الحكومة الفنيزولية ما زعمت أنّه مذكّرة فيها تفاصيل نشاط وحدة سرّية للسي آي آي فى فنيزويلا ) .
يجب أن نعارض بصرامة أي و كلّ محاولات الإمبريالية الأمريكية بثّ عدم الإستقرار و التآمر على نظام تشافيز و الشعب فى فنيزويلا . و نحن فى الولايات المتحدة الأمريكية لنا مسؤولية خاصّة فى العمل إنطلاقا من هذا الفهم .
و لم يحصل تشافيز من أتباعه الأقرب ، لا سيما من ضمن الفقراء على درجة الدعم التى تمتّع بها فى الماضي . هذا من جهة و من جهة أخرى ، إستطاعت المعارضة الرجعية التى فقدت ثقة الجماهير و تفكّكت لبعض الوقت ، أن تستعيد بعض الثقة فيها و توحّد القوى ضد تشافيز .
الرواية الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية هي أنّ الرأي العام الفنيزويلي قد ردّ خائبا تشافيز الذى أراد أن يكون حاكما مطلق السلطات . و الخلاصة المتأتية من مساندي تشافيز هي أنّ نيته الإلتزام بنتيجة الإستفتاء تثبت أنّه يقف إلى جانب الديمقراطية .
و الواقع الفعلي مغاير تماما .
لم يكن هوغو تشافيز يقود فنيزويلا نحو الإشتراكية أو نوع من تنظيم " للديمقراطية التشاركية " التى تقف فوقالعلاقات الإقتصادية و افجتماعية المهيمنة على المجتمع . مشروع هوغو تشافيز مشؤروع رأسمالي – وطني فى إطار النظام الإقتصادي القائم . وهو مشروع يتطلّب إدخال تغييرات على سير المؤسسات السياسية المحلّية الفنيزويلية – بما فى ذلك قدرة أكبر على درئه محاولات إنقلاب رجعية .
و من ناحيتها ، لا تقف الولايات المتحدة و حلفاؤها فى فنيزويلا من أجل نوع معيّن مطلق من الديمقراطية . بالأحرى يبحثون فى فنيزويلا عن إعادة فرض شيء مؤسساتيّا أقرب للنظام القديم للصفوة السياسية الحاكمة يخدم بصفة مباشرة أكثر مصالح الإمبريالية الأمريكية . (1)
لا تتحمّل الولايات المتحدة هوغو تشافيز فهي تنظر إليه بإعتباره مصدر تأثير مناهض و مفسد فى العلاقات فى الجزء الغربي من الكوكب ؛ هذا فى حين أنّ الولايات المتحدة منخرطة فى محاولة إنشاء إمبراطورية عالمية أوسع . فى 2002 ، دعمت الولايات المتحدة محاولة إنقلاب ضد تشافيز . سواء كانت الولايات المتحدة تتآمر بنشاط أو تشجّع أم لا على إنقلاب هذه المرّة ، فهي تعمل على إضعاف تشافيز و تقويض سلطته .
2- " الثورة البوليفارية " لتشافيز :
تنهض " الثورة البوليفارية " على مكوّنات أربعة هي :
أ- إستعمال النفط أداة نموّ و رفاه إجتماعي . هدف تشافيز هو كسر مسك القيادة الفاسدة لشركة النفط التابعة للدولة ، و تنويع الأسواق الخارجية للنفط ، و التفاوض من جديد حول شروط إستثمار الرأسمال الأجنبي فى حقل النفط و تعاونه ، و إستخدام عائدات النفط لتوسيع قواعد التطوّر الإقتصادي الرأسمالي و لتمويل برامج إجتماعية كبرى .
ب- إنشاء كتلة تجارية جهوية فى جنوب أمريكا . يسعى تشافيز لبلوغ مستوى أرقى من الإندماج الجهوي و توسيع الأسواق و مجال المناورة ضمن إطار نصف الكرة الأرضية الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية إقتصاديّا و سياسيّا . و هي إستراتيجيا قائمة على تقسيم جهوي للعمل – فى المواد الأوّلية و التجارة الفلاحية و التمويل إلخ – و على غستغلال العمل المأجور و على مواصلة التعاون مع الرأسمال الإمبريالي .
ت- إعادة هيكلة مؤسسات الدولة القائمة . فإثر محاولة إنقلاب 2002 من قبل القوى الموالية للولايات المتحدة الأمريكية ، سعى تشافيز إلى تطهير الضبّاط القياديين اليمينيين و بناء هيكل ضبّاط موالي له فى صفوف الجيش . و بحث عن تعزيز موقعه ضمن الجهاز التنفيذي ،و عن بناء تحالفات غالبية ضمن هياكل البرلمان القائم ،و إصدار قوانين تسمح له بأن يُدخل إصلاحات و برامج إجتماعية معيّنة . و تحرّك ليضع عراقيلا أمام حرّية نشاط القوى المعارضة .
ث- إنشاء شبكة تنظيمية و هياكل سياسية . فهدف المجالس المحلّية هو تجميع الجماهير و تعبئتها حول البرنامج الوطني – الشعبوي ... و الإبقاء عليها إيديولوجيّا و سياسيّا فى إطار هذا البرنامج .
و فى سنة 2005 ، طفق تشافيز يقدّم رؤية عن " إشتراكية القرن 21 " . و كان ضبابيّا بشأن مضمونها و الواقع هو أنّ هذه " الإشتراكية " تستند على مواصلة تبعية فنيزويلا للإقتصاد الإمبريالي العالمي – و يلعب النفط دوره التاريخي كمعدّل مفتاح فى الإقتصاد الفنيزويلي .
و تبقى فنيزويلا مجتمعا يشقّه إستقطاب عميق بين الأغنياء و الفقراء . و 40 بالمائة من قوّة العمل فى المدن أسيرة " الإقتصاد غير الرسمي " تشتغل فى البيع على أرصفة الطرقات و فى سياقة سيّارات الأجرة إلخ . و يعيش الكثير من سكّان المدن فى " الأحياء القصديرية " [ رانشوس] . و تبقى الفلاحة تهيمن عليها أوليكاركية عقارية لا تزال تتمتّع بقوّة شديدة ، و فلاحة غير قادرة على تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية للسكّان –بينما يقع إرسال الفلاحين الفقراء و المزارعين الصغار إلى الأراضي الهامشية . و قد قتلت الفرق شبه العسكرية التابعة لإقطاعيين 150 من منظّمي الفلاحين فى الخمس سنوات الماضية .
3- تحالف تشافيز الحاكم :
صعد هوغو تشافيز إلى السلطة فى 1998 . و تمتّع بشعبية كبيرة ، لا سيما فى صفوف الطبقة العاملة و الفلاحين . و تمتّع كذلك بمساندة الكثيرين من ضمن الطبقة الوسطى و قطاعات من رأس المال الذى أحبطه النظام السياسي السابق . و كانت سنوات ثمانينات إلى تسعينات القرن العشرين سنوات إنتشر فيها الفقر بشكل كبير و تراجع الإقتصاد تراجعا حادا .
و كانت الصفوة الحاكمة القديمة و الأوليكاركية مكروهين شعبيّا و فقدا ثقة الجماهير على نطاق واسع .
يستند مشروع تشافيزعلى إعادة تشكيل المجتمع الفنيزويلي على أساس النفط و التجارة العالمية و ضخّ الرأسمال الأجنبي فى الإقتصاد . و بينما ش<ّع تشكيل تعاونيّات عمال ، قد أحجم بوضوح عن مهاجمة المواقع المتخندقة للرأسمال المخلّي الكبير . و بينما ساند إستيلاء بعض الفلاحين على الأراضي غير المستغلّة ووزّع الأرض على حوالي 150 ألف فلاّح ، لم يتحدّى جوهريّا الموقع المهيمن للأوليكاركية على الأراضي الفلاحية . و حيث أمّم ( أو أعاد تأميم ) قطاعات من الإتصالات الهاتفية ، فإنّها لا تزال تسير وفق معيار الربح الرأسمالي .
يتحرّك تشافيز بجبهته الموحّدة الخاصة . فهو يبحث عن التعاون مع قطاعات من الرأسمال الكبير المحلّي و الإمبريالي- الأجنبي ، أساسا بضمان بيئة تجارية مقبولة . و فى نفس الوقت ، عمل على تحديد حرّية الرأسمال المحلّي فى النشاط السياسي – و كان هذا جزءا من ما يقف وراء التحركات الحديقة لنقض تصريح عمل لمحطّة إذاعية خاصّة مرتبطة بالمصالح الرأسمالية الرجعية القويّة . لكن هذه الصفوة من الرأسماليين تهيمن على الإقتصاد بواسطة التحكّم فى وسائل الإنتاج و التمويل و القروض وقنوات التوزيع ، و بواسطة الروابط العملية بالرأسمال الأجنبي ؛ و بواسطة القوّة التنظيمية لتجمعاتها و جمعيّاتها التجارية .
لقد تمكّن تشافيز من بناء حالف سياسي حاكم تهيمن عليه قوى أغلبية موالية له و تسانده أقلّية من ما يسمّى بالقوى " الليبرالية الوسطية " . لقد عوّل على وجوه عسكرية " وسطية " و " حرفية " مثل راوول بودال للعمل كحاجز ضد تدخّل الولايات المتحدة . لكن بينما لم يكن بودال بالضرورة ممثلا للأوليكاركية القديمة الموالية للولايات المتحدة ، كان يدعو إلى التوافق مع النظام القديم و كان بداهة ينشأ علاقات مع الجيش الكولمبي الموالي للولايات المتحدة .
كتب مساندو تشافيز عن الميزة " الفذّة " للجيش الفنيزويلي – أنّه يعبّر عن نوع من التعاطف مع الجماهير ؛ و حاجج آخرون بأن تشافيز قد أبعد من الجيش القوى الموالية للولايات المتحدة . و هذه أوهام خطيرة . لم يقع تفكيك سلطة الدولة القديمة .
حاول تشافيز أن يشكّل تحالفه كتعبير عن محاولته البحث عن " طريق وسط " بين القطع مع ( و مواجهة ) الإمبريالية و الحفاظ على الوضع القائم . و ثورة حقيقية ينبغى أن تبحث عن الوحدة مع قوى واسعة إلاّ أنّ هذه الوحدة ينبغى أن تكون فى خدمة إيجاد سلطة بروليتارية جديدة و صيانتها – فى تعارض مع " وحدة " تهدف إلى تجنّب مواجهة القوى الممثلة للنظام القديم . " الطريق الوسطي " لتشافيز لا يجعل فقط من غير الممكن بلوغ أهداف الثورة بل إنّه فعلا ييسّر نشاطات المآمرات و الإنقلابات .
لقد عوّل تشلفيز على شيء آخر لتشكيل تحالفه الحاكم : التعبئة الجماهيرية للفقراء أثناء الإنتخابات ردّا على تحركات قطاعات من النظام القديم و الإمبرياليين ضدّه . و هذا " الضغط من الأسفل " ،منظّم بشكل متصاعد من فوق ، قد دعّم " عهد " تشافيز .
و مع نهاية 2006 ، كانت فعليّا القوى الموالية لتشافيز تسيطر على المجلس الوطني و المحكمة العليا . و كانت تحرّكات تشافيز الأخيرة لتعديل الدستور تهدف إلى " تحصين " موقعه السياسي و تمكينه من شلّ حركة فئات من الرأسماليين الكبار ، من خلال سلطة واسعة لتأميم مؤسسات معيّنة و قطاعات من الإقتصاد و ربط البنك المركزي ربطا قويّا أكثر بالحكومة المركزية .
يجسّد هوغو تشافيز فئة من الطبقة الرأسمالية الفينيزويلية و البرجوازية الصغيرة الراديكالية وهي قوى تدين اللامساواة الناجمة عن الهيمنة الأجنبية لكنّها لا تستطيع تصوّر القطع مع ظروف الهيمنة الإمبريالية .
4 – الوضع المتحرّك و الجماهير :
تعرّض تحالف القوى الطبقية لتشافيز إلى ضغط متصاعد . فهناك خلافات بين وزرائه و زعزع أكبر الأحزاب المتعاونة معه هذا التحالف. و إستنهضت القوى الرجعية الموالية للولايات المتحدة ( و بتشجيع منها ) بأكثر جرأة الجماهير ضد تشافيز . و شكّلت مقترحات الإستفتاء نقطة لقائها . ما الذى حدث ؟ هنا بوسعنا الإشارة إلى عاملين إثنين .
الوضع الإقتصادي :
أوّلا ، يشهد الإقتصاد صعوبات . إذ تصاعدت بالمعنى الرأسمالي " نسبة كلفة " النفط الذى هو نقطة إرتكاز التطوّر الإقتصادي فى ظلّ تشافيز و صار إستعمال مداخيل النفط لإستيراد الموادالغذائية أعلى من الإستثمار فى التطوّر الشامل للفلاحة . و واصل الرأسمال الكبير أجندته الخاصة الإقتصادية و السياسية . و قلّص المزارعون الكبار ومالكو قطعان الماشية من الإنتاج ردّا على التحكّم فى الأسعار. و قد خزّن التجار بالجملة والتجار بالتفصيل المواد الغذائية المورّدة أو قد أعادوا بيعها فى السوق السوداء. فكانت النتيجة نقصا فى المواد الغذائية الأساسية ( و حاجيات عائلية أخرى ). و تصاعد التضخّم المالي الشيء الذى ألحق الضرر خاصة بالطبقات الفقيرة و بالفئة الدنيا من الطبقات الوسطى .و إستغلّت الرجعية هذا الغضب المتنامي .
يتهم تشافيز و أنصاره الفساد و المضاربة فى العملة الأجنبية و تهريب رأس المال إلى مايامي و التخريب الإقتصادي بوقوفهم وراء المشاكل الإقتصادية . أمّا المعارضون له فيعزون المشكل إلى عدم كفاءة الحكومة . و هناك شيئا من الحقيقة فى ما يقوله كلاهما . غير أنّ المشكل الكامن هو أنّه لا وجود لتغيير جوهري ، إشتراكي حقيقي للمجتمع و الإقتصاد .
لم تحدث ثورة زراعية لكسر سلطة الملاكين العقاريين الكبار و مربّي الماشية فى الريف ،و لتوزيع الأرض كجزء جوهري من إعادة تنظيم الإقتصاد ،و لإرساء قاعدة للفلاحة الجماعية التى تلبّي الحاجيات الغذائية للمجتمع و تساهم فى تطوّره الشامل .
لا يسيطر المجتمع الفنيزويلي على موارده الإقتصادية : تهيمن على الإقتصاد ملكية الدولة الرأسمالية و الرأسمالية الفردية . لا وجود لمخطّط إشتراكي موحّد لبلوغ تطوّر متوازن و مندمج و معوّل على الذات. لقد وضع التعويل على النفط و السوق العالمية الحكومة فى مأزق . فهي تجد نفسها بين خيارين هما تلبية الحاجة إلأى الإستثمار و تعصير القطاع النفطي للحفاظ على قدرته التنافسية فى السوق الرأسمالية العالمية ،و تلبية الحاجة إلى تمويل المشاريع الإجتماعية من مداخيل النفط .
و لم يقع تحطيم سلطة الدولة القديمة فى فنيزويلا . و لم يقع تعويضها بسلطة دولة بروليتارية جديدة قادرة على إستنهاض الغالبية العظمى من المجتمع لمساندة المضطهَدين و المستغَلين سابقا على المسك بزمام الأمور و الشروع فى تغيير المجتمع كلّه ،و لقمع هذه القوى التى تبحث عن العودة بهذه السيرورة الثورية إلى الوراء .
الوضع السياسي :
ثانيا ، فى ظلّ ظروف إجراءات تشافيز المتعثّرة الإقتصادية و الإجتماعية المتناقضة ،و مع تصاعد تدخّل الولايات المتحدة ، تغيّر الوضع السياسي ليصبح أقلّ مواتاة لتشافيز .إقتراحاته لتعديل الدستور وحّدت القوى الرجعية التى أقرّت فى الحال بأنّ قوّتها ستكبر . و تكتيكيّا ، رأت هذه القوى ذاتها فى تنامي الغضب إنفتاحا سياسيا . و قد جمّعت حولها الكثيرين من الطبقات الوسطى ، رافعة شبح أنّ حقوقهم و ملكيتهم سيتمّ مصادرتها .
هذا من جهة و من جهة أخرى ، بعض الفقراء الذين يشكّلون القاعدة السياسية الإنتخابية لتشافيز يرون أنفسهم بشكل متصاعد كمتفرّجين . لقد نزلوا إلى الشوارع للدفاع عن تشافيز سنة 2002 . و قدّموا له دعما جماهيريّا فى إنتخابات 2004 و 2006 . إلاّ أنّه لم يكن واضحا لديهم ما المقصود فعلا بهذه التعديلات الدستورية . و ما يعنيه تشافيز بحديثه عن الإشتراكية ؟ نعم هناك بعض المصحّات الطبّية فى الأحياء القصديرية لكنّ المجتمع لا يزال مجتمع أحياء قصديرية .
و يمدح العديد من مساندي تشافيز عالميّا شبكة التنظيمات التى أوجدها . لكن ما حجم " مجلس المواطنين " و " المجالس البلدية " فى بحر من علاقات الإنتاج المهيمنة الرأسمالية – الإمبريالية ؟ لنفترض أنّ هذه المجالس " صوتت ديمقراطيّا " على تثوير الإقتصاد و تطوير إقتصاد متوازن و معوّل على ذاته فيه تكون الفلاحة الأساس و تُمنح الموارد للريّ الفلاحي و لتعبئة المجتمع لتجاوز الهوّة الإجتماعية بين المدينة و الريف . حسنا ، فى فنيزويلا ، لا تملك الجماهير السلطة السياسية و لا السيطرة الإشتراكية الحقيقية مركّزة فى ملكية الدولة للإقتصاد لتنفّذ هذا التغيير الجذري و التحرّري . و إن حاولت هذه المجالس بطريقة ما القيام بهذا التغيير الجذري فإنّ ذلك سيكون غير متناغم مع كامل مشروع تشافيز المعتمد على النفط و سيقوّضه .
تعكس سلط الطوارئ التى إقترحها تشافيز الطبيعة الطبقية لمشروعه و متطلباته . كانت التعديلات الدستورية تستهدف بالأساس الحيلولة دون القوى اليمينية الموالية للولايات المتحدة الأمريكية و تقويض النظام أو إسقاطه .لكن تيّارا ثوريّا حقيقيّا فى المجتمع الفنيزويلي يتحدّى – و يستنهض الجماهير لتجاوز – القيود التى يفرضها " الطريق الوسطي " لتشافيز ، سيُواجِه فى النهاية و سيُوَاجه بالقوى القمعية لجهاز الدولة القديم ، حتى بعد إعادة هيكلته من قبل تشافيز . و الغضب و المعارضة الثورية يبدوان و إن كانا هشّين و يهدّدان إستقرار هذا المشروع، سيُواجهان بسلطة الدولة القمعية .
5- ماذا عن الطبقات الوسطى ؟
يجب على ثورة إشتراكية تعمل على تخطّى كافة الطبقات و الإختلافات الطبقية و بإمكانها أن توحّد و تصارع إيديولوجيّا ، قطاعات عريضة من الفئات الوسطى . إن كنّا حقّا نعيد تشكيل المجتمع و العالم ، إن كان هذا إتجاه الأشياء ، بإمكاننا أن نستنهض أعلى طموحات الجماهير لتغيير ظروفها و نفسها فى سبيل تحرير الإنسانية . و يغدو ممكنا حينها مدّ جسور الإتصال و الصراع مع الناس ليكرّسوا مهاراتهم و فهمهم نو للعمل مع الآخر و التعلّم منه ، كجزء من إنشاء عالم مغاير جذريّا .
لقد إختار تشافيز – و هذا يعكس النظرة الطبقية لهذه الحركة – أسوأ العالمين . ليس مشروعه مشروع إعادة صياغة المجتمع صياغة جذرية . لقد إرتأى أن يرشي الطبقات الوسطى بالحفاظ على المجتمع الإستهلاكي المغذّى لواردات الرفاهية ،و تعويضات الغاز للسيارات،و مراكز تجارية من الطراز العالي. هذا من ناحية و من ناحية ثانية ن كبح معارضة الطبقات الوسطى فعندما نزل الطلبة إلى الشوارع ،و قد كان العديد منهم بلا شكّ محافظون و ماولون للولايات المتحدة ، نعت تشافيز الإحتجاجات بأنّها أعمال أطفال الإمتيازات . و كان تشافيز ينحو إلى وصف المعارضة بالخونة و المتأثّرين بالسي آي آي .
للشباب و الطلبة دور خاص فى مجتمع إشتراكي حقيقي : الإنفتاح ومساءلة المشروع الإشتراكي و بهذه الطريقة المساهمة فى حيوية المجتمع الإشتراكي ، مشروع راديكالي و تحرّري حقّا سيشجّع على المعارضة حتى المعارضة المتأتية من آفاق مناهضة للإشتراكية . و ذلك لأنّ هذا جزء من النضال من أجل معرفة أعمق بالمجتمع و بالعالم نظرا لكون الأشياء قد تكون خاطئة فى المجتمع و يجب على الشعب أن يتمكّن من الإحتجاج و النضال لتغييرها ،و نظرا لأنّنا نرغب فى مجتمع أين يشعر الناس بأنّه بوسعهم الحديث دون التعرّض للقمع .
فى مجتمع إشتراكي حقيقي ، لا يمكن إستعمال الجيش لقمع المعارضة و الإحتجاج – مجدّدا حتى و إن كان الإحتجاج موجّه ضد المجتمع الإشتراكي الجديد ، لكن الدولة البروليتارية لن تقف لا مبالية .يجب أن تقود الناس فى إكتشاف الحقيقة . يجب أنتقود عملية التمييز بين المعارضة والمحاولات النشيطة للإطاحة بالمجتمع الجديد.
هذا أمر معقّد و ينطوي على قدر كبير من الشكّ و المخاطرة و ذلك لأنّ المعارضة ، مثلما هو الحال فى إحتجاجات الطلبة فى فنيزويلا ،عادة ما تكون متداخلة مع قوى نظّم و تعدّ الأرضية لإنقلابات و ما شابه.
المسألة هي أنّه ينبغى التمسّك بالسلطة ... لكن هذه السلطة يجب أن تستحقّ التمسّك بها فجذب الجماهير إلى هذه الأنواع من الأوضاع المعقّدة و النقاشات الإجتماعية فى ظلّ الإشتراكية جزء من السيرورة الحيوية التى عبرها ستكتسب تمكّنا حتى أكبر من كلّ مجالات المجتمع و تنهض بمسؤولية حتى أكبر فى قيادة المجتمع .
6- المجتمع الطبقي و القيادة :
لقد جرى نقد هوغو تشافيز من عدّة أطراف لبحثه عن مأسسة القيادة . بيد أ،ّ الواقع هو أنّ كافة الأنظمة السياسية فى المجتمع الطبقي شكل من أشكال الدكتاتورية بواسطتها تحكم طبقة طبقة أخرى . كافة الأنظمة السياسية فى المجتمع الطبقي تمأسس قيادة الطبقة الحاكمة بطريقة أو أخرى .
فى الظروف المستقرّة الأعمّ للمجتمعات الإمبريالية مثلما تطوّرت تاريخيّا ، يتخذ هذا شكل أنظمة متعدّدة الأحزاب و إنتخابات ( ما يعنى صنفا من " التداول " على السلطة فى صفوف الطبقة الحاكمة ) . و فى البلدان المضطهَدة ، تفرض الإمبريالية هياكلا سياسية تتناسب مع حاجياتها الإقتصادة و مصالحها الإستراتيجية . لقد طوّرت الولايات المتحدة آلية دولة إستعمار جديد . و قد لجأت إلى الإنقلابات و الغزوات و " الإنتخابات المسنودة بالقوّة " لإعادة هيكلة الدول العميلة و إعادة تشكيلها ( على غرار ما فعلت الولايات المتحدة فى العراق و فى أمريكا اللاتينية بصفى متكرّرة ). و حتى هنا فى " البلد الوطن" ينهض الناس ضد واقع أنّه بينما يمكنهم الإدلاء بأصواتهم ضد الحرب على العراق سنة 2006 ، لم يعبّر النظام السياسي عن تلك الإرادة ، بل عبّر عن مصالح الطبقة الحاكمة .
و يتطلّب نظام إشتراكي نوعا جديدا من القيادة ، القيادة التى تركّز مصالح المضطهَدين فى إنشاء نمط إنتاج جديد ، ينهض على الملكية الإجتماعية و التعاون ؛ و تركيز و حماية شكل سياسي من الحكم الطبقي الذى يمكّن الجماهير من إعادة تشكيل المجتمع و ذواتها ؛ و يمكن أن يقود النضال قدما نحو الشيوعية وعالم خال من الطبقات . و هذا أيضا يقتضى قيادة مأسساتية من طراز جديد تطلق العنان للجماهير و تقمع الثورة المضادة .
التحدّى ، كما كتب بوب آفاكيان ،هو المسك بالقيادة و فى نفس الوقت فسح المجال للتعبير عن نوع المجتمع و الدولة المطلوبين ، حيث يخوض الناس فى القضايا الكبرى ... حيث يتوفّر جوّ يحثّ على الإبداع و المبادرة و الروح النقدية ... و حيث يعمل المجتمع بوعي من أجل تخطّى ، خطوة خطوة ، و على موجات ، التناقض بين الطليعة و الجماهير العريضة .
----------

-1- مقترح تشافيز لحالة الطوارئ كان بعدُ سيوفّر للناس حق الدفاع و المحاكمة و التواصل و عدم التعرّض للتعذيب – على خلاف إتفاق اللجان العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية سنة 2006 الذى يسمح للرئيس بإيقاف المواطنين دون الإجراءات المطلوبة و بإستعمال " المساءلة القسرية " للحصول على الأدلّة .

 المصدر : الحوار المتمدن

COMMENTS

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية
الاسم

أدب و فنون,33,أعمدة مغربية,55,اقتصاد و إعلام,23,الربيع العربي,131,المزيد,82,جديد الكتب و المجلات,28,حريات و حقوق,31,دراسات حول المجتمع المغربي,18,سياسة مغربية,45,علوم وتكنولوجيا,2,عمال و نقابات,7,في دقائق,4,مجتمع مدني,18,مواقف حزبية,18,
rtl
item
مدونة الشعب يريد : طبيعة مشروع هوغو تشافيز و حدوده
طبيعة مشروع هوغو تشافيز و حدوده
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1-1zq5vVk5sUgFhWrLQI6xhkP45zdfXy_L0r5CiX2DNkLAIZ2C5a1a8DRBIHhOlzvr-YbY_TOIzKDGavyJVdhyphenhyphenXJxu9H-G4tTWRKrTma6qxowD4WF5D0N6mFFbRLvvlnbBw80dy6r1HkK/s320/hugo11.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1-1zq5vVk5sUgFhWrLQI6xhkP45zdfXy_L0r5CiX2DNkLAIZ2C5a1a8DRBIHhOlzvr-YbY_TOIzKDGavyJVdhyphenhyphenXJxu9H-G4tTWRKrTma6qxowD4WF5D0N6mFFbRLvvlnbBw80dy6r1HkK/s72-c/hugo11.jpg
مدونة الشعب يريد
https://slailymohammed.blogspot.com/2013/03/blog-post_25.html
https://slailymohammed.blogspot.com/
https://slailymohammed.blogspot.com/
https://slailymohammed.blogspot.com/2013/03/blog-post_25.html
true
3090944207328741838
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content