السعودية تجند المحكوم عليهم بالاعدام للجهاد بسوريا

تتداول المواقع الاجتماعية خاصة الفايسبوك وثيقة سعودية معنونة ب ( سري جدا ). تتعلق بتجنيد المحكوم عليهم بالاعدام و تاهليهم للانضمام لصفو...

تتداول المواقع الاجتماعية خاصة الفايسبوك وثيقة سعودية معنونة ب ( سري جدا ). تتعلق بتجنيد المحكوم عليهم بالاعدام و تاهليهم للانضمام لصفوف المعارضة المسلحة للنظام السوري.
طبعا لا يحتاج المحقق لاي جهد كي يلاحظ أن الوثيقة لا تحمل أي طابع باستثناء امضاء مدير المتابعة بوزارة الداخلية كما هو مبين فوق صفته الادارية و اسمه الثلاثي. يمكن للسعودية الطعن في هكذا وثائق و اعتبارها تلفيقا خاصة و انها تدخل للمستنقع السوري باسلوبها " الجهادي الامريكي" الذي رايناه من قبل في افغانستان و العراق و غيرها من البلدان التي تحتلها امريكا الان احتلالا جزئيا او كاملا.
غير انه لا شيء في المقابل من شانه ان يؤكد ان هذه الوثيقة مزورة و تدخل في حرب المعلومات و البيانات و البيانات المضادة. اذن كل شيء جائز، قد تكون مسربة بالفعل أو مزورة؟ لكن، بامكان أي باحث أو محقق، أن يقف عند الاسماء و الارقام الواردة في الوثيقة ومقارنتها بالواقع لاستجلاء الحقيقة.
يتعلق الامر اذن  باسمين وردا بالوثيقة الاول اللواء سعود الثنيان رئيس المكتب السري بوزارة الداخلية المرسل اليه، و الثاني عبدالله بن علي الرميزان مدير المتابعة بوزارة الداخلية، و هي الجهة التي ارسلت الأمر/ الوثيقة. اما الارقام، وهي تخص عدد المعتقلين و جنسياتهم الذين سيتم تاهيلهم " للجهاد " في سوريا، و هي ما مجموعه 1325 معتقل من جنسيات عربية مختلفة، فان الوثيقة تبين، انهم حوكموا بالاعدام بالسيف لارتكابهم جرائم تهريب المخدرات و القتل و الاغتصاب...
يمكن التحقق أيضا من هذه الارقام، رغم ان النظام السعودي يعد أشد الانظمة بالمنطقة تحكما في المعلومات و مراقبة لمعارضيهم و مواطنيه بشكل عام. ربما لهذا السبب لم يعط الاعلام العربي و لا الدولي أهمية لهذه الوثيقة.
لكن بغض النظر عن صحة هذه الوثيقة ام زيفها، لابد من الاشارة لبعض النقط المهمة في تحليل مثل هذه البيانات و الجهة التي قد تكون من ورائها :
أولا، نعود للوراء وبالضبط لعشر سنوات حيث عرفت القاهرة مجزرة بشعة أودت بحياة أربعة أشخاص منهم الفنانة التونسية ذكرى، وزوجها رجل الأعمال أيمن عوني صادق السويدي، ومدير أعماله، ومديرة أعمال زوجته . وذهب التحقيق الى تحميل الجريمة للزوج الذي اطبق رصاص مسدسه على الاشخاص الثلاثة ثم اطلق النار عليه منتحرا. بعدها بسنوات ظهر فيديو غنائي للمطربة التونسية ذكرى يقول واضعوه على اليتوب انه السبب في مقتل هذه المطربة و ان المخابرات السعودية بتواطأ مع المصرية هي من ارتكبت المجزرة. ومن طبيعة الحال، يتحكم آل سعود في الاعلام و خاصة الفضائيات العربية، التي قامت باستدعاء أخت الفنانة ذكرى لكي تؤكد ان لا علاقة للسعودية او غيرها بمقتلها.
هناك وجه شبه بين الوثيقتين، فالاولى اغنية ربما سجلت بليبيا حيث كان النزاع الشخصي بين القذافي و الملك السعودي عبد الله في ذروته، وبين هذه الوثيقة التي بين ايدينا. من الصعب تاكيد ذلك و ايضا من البلادة نفي ذلك !
ثانيا، اصبح غير خاف تجنيد المجرمين و المحكومين بالاعدام لتننفيذ المهمات العسكرية القذرة خاصة في صفوف القوات الامريكية.  وقد كتب الكثير عن المرتزقة و عن تجنيد المجرمين خاصة ابان الحرب على العراق. يجب الاشارة هنا ان السعودية لقحت مذهبها الديني الوهابي بالنيو ليبيرالية في نسختها الاكثر يمينة. هناك من يطلق على هذا الزواج الكاتوليكي مصطلح " الاسلام الأمريكي". وقد انتبه الباحثون لهذا الامر، في اواخر سبعينات القرن الماضي، حيث قامت السعودية عن طريق مؤسستها الدينية، بتجنيد العرب و المسلمين في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، ليس فقط بافغانيستان، بل أيضا في البوسنة و الشيشان و غيرها من البلدان التي كانت
تابعة للاتحاد السوفياتي المنهار.  لصالح امريكا و حلفائها وبالطبع الكيان الصهيوني.
ثالثا، يتزامن تسريب هذه الوثيقة مع الحملة المسعورة التي يقوم بها مفتو السعودية للجهاد بسوريا، أخر فتوى تتعلق بجهاد المناكحة ، تؤكد بدورها السير على النهج الامريكي الذي يجند المومسات لمصاحبة المارينز. وهنا افتح قوسا، للعودة للوراء، أي لعهد بوش الابن، حيث فرض على السعودية و غيرها من ممالك العرب، تغيير المقررات الدينية  و غربلتها بما يتلائم مع السياسة التوسعية لواشنطن بالمنطقة.
لم تثر الوثيقة اية ضجة اعلامية و هذا شيء مفهوم، لان الاعلام العربي لا يجري الا وراء الربح و المال، و السعودية لها من الامكانيات ما يجعلها تشري و تبيع في المزاد العني دون منافسة. يبقى أن نقول، أن الدور الذي تقوم به هذه المملكة ينكشف يوما بعد يوم، و هو دور خطير جدا لانه يقوم على تدمير و اضعاف كل قدرة لشعوب المنطقة تتوخى السيادة و الاستقلالية و مقاومة الظلم و الاحتلال. وسواء كانت هذه الوثيقة صحيحة او مفبركة، فهذا لن يغير شيئا من طبيعة نظامها الذي لا يخدم الا المصالح الامريكية بالمنطقة.

محمد السلايلي