صدر مؤخرا للباحث المغربي عزيز مشواط كتاب بالفرنسية بعنوان "حركة 20 فبراير بالمغرب: الهوية، التنظيم والخطاب". حاول الكاتب مق...
صدر مؤخرا للباحث المغربي عزيز مشواط كتاب بالفرنسية بعنوان "حركة 20 فبراير بالمغرب: الهوية، التنظيم والخطاب". حاول الكاتب مقاربة نشأة الحركة بمدينة الدار البيضاء من خلال مقابلات غير موجهة مع خمسة عشر ناشطا في الحركة يمثلون اتجاهات وحساسيات سياسية ومدنية مختلفة. ويبرر اختياره الدار البيضاء في مقدمة الكتاب بقوله " لما تشكله الدار البيضاء من أهمية ديمغرافية، اقتصادية ورمزية بالنسبة للمغرب، إنها مدينة مليونية، يشهد التاريخ المعاصر للمغرب أنها عرفت أكثر من حراك اجتماعي منذ بداية الاستقلال كما أنها تحتضن النصيب الأوفر من النخبة المغربية السياسية والاقتصادية والثقافية"
و اعتمد الكاتب على منهجية ترتكز على مقاربة كيفية من خلال البحث عن "المعنى الذي يعطيه الفاعل لسلوكه" حيث يفسر الكاتب في بلاغ تعريفي للكتاب انه انطلق " في فهمه لحركة 20 فبراير من المعنى الذي يحمله النشطاء عن هوية الحركة وشعاراتها، وخطابها والعلاقة بين مكوناتها ومكامن قوتها وضعفها وآفاقها".
و وظف الباحث جهازا مفاهيميا مستوحى من نظريات الفعل الاجتماعي وخاصة نظريات الحركات الاجتماعية الجديدة في مزاوجة بين الأدبيات الكلاسيكيات ممثلة في آلأن تورين ورايمون بودون وميشيل كروزي وتيد كار وغيرهم وما استجد من النظريات السوسيولوجية خاصة مع إيريك نوفو وأوبرشال وتيلي وماك مارتي وزالد.
و من خلال استجواب عينته من الناشطين بالحركة، يستخلص الباحث أن سبب ظهورحركة عشرين فبراير مرتبط بسياق اجتماعي وسياسي داخلي. حيث يقول انه من خلال المعنى الذي يعطيه النشطاء لسبب حراكهم الجماعي وفعلهم الاحتجاجي، تتضح قوة الحركة وقدرتها على التجييش اعتمادا على عدد من المنطلقات أهمها نظرية الإحباط ومبادئها الثلاثة المتمثلة في الإحساس بالضيم، باللاعدالة أو الإحباط.
وبهذا الخصوص، يضيف الباحث أن المبحوثين يعتبرون أن السياق الإقليمي لعب دور المحفز في ظهور الحركة، و أن هناك اتجاه عام إلى اعتبار حركتهم النسخة المغربية من الربيع العربي. مؤكدا أن الحركة استكاعت أن تبني منطقا احتجاجيا يزاوج بين هدفين. الأول ينبني على رفع مطالب سوسيواقتصادية من قبيل ارتفاع كلفة المعيشة، البطالة و تردي الأوضاع الصحية وأزمة التعليم، وفي نفس الوقت مطالب تركز على إعادة النظر في التوجهات الكبرى للمجتمع ونموذج السلطة السائد.
وفي سياق فهم نقاط قوة وضعف الحركة، ركز النشطاء المستجوبون على ثقل ذاكرة ماضي المواجهات بين الإسلاميين ونشطاء اليسار مما أثر بشكل كبير على تطورها، بالإضافة إلى عوامل أخرى ساهمت في انخفاظ وتيرة جاذبيتها الاحتجاجية من قبيل ضعف مواردها الداخلية وعدم قدرتها على تعبئة الموارد الخارجية وتبني مطالبها من قبل بعض الفاعلين السياسين الرسميين وسرعة الرد الإصلاحي الذي نهجه النسق السياسي المغربي، كما أن الطبيعة الغامضة والمعقدة لهذا النسق والإمكانيات التي يتيحها لشرعنة أو "شيطنة" الفعل الاجتماعي ساهمت في التحجيم من قوة الحركة. لكن النشطاء لم يترددوا في اعتبار أن "الضعف البادي في حراك هذا الفعل الاجتماعي لا يعني موت الحركة بل تحولها إلى فاعل محفز للتاريخ المغربي المعاصر".
يذكر أن عزيز مشواط هو أستاذ للفلسفة بالدار البيضاء وعضو مؤسس للمركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية ما سبق له أن اشتغل صحفيا في عدد من المنابر الإعلامية المغربية و شغل مسؤولية العلاقات الإعلامية للمشروع العربي لمنظمة أطلس الدولية وحاضر في عدد من الجامعات الصيفية لمشروع منبر الحرية حول الحركات الاجتماعية في العالم العربي وقضايا الهوية.
COMMENTS