جاكوب كوهن بعد إطلاق سراح علي أنوزلا (مؤقتا ؟) - من منا لم يحس بانفراج وهو يرى رجلا نزيها، صحفي ملتزم، مبدع إعلاميا، يخرج من زَنازن نظ...
جاكوب كوهن |
بعد إطلاق سراح علي أنوزلا (مؤقتا ؟) - من منا لم يحس بانفراج وهو يرى رجلا نزيها، صحفي ملتزم، مبدع إعلاميا، يخرج من زَنازن نظام قمعي بشع ؟ - حان الآن زمن طرح بعض الأسئلة.
من غير اللائق انتقاد الرجل كونه ربما سعى لتسوية مع مضطهديه.
لابد أن السجن، وبالأخص ذاكـ الذي تم حبسه فيه، لابد أنه تجربة مرعبة خصوصا عندما يكون المرء بريئا.
ولا شكـ أن جلاديه تلقوا تعليمات لتذويقه طعم التجربة الرهيب.
ومجرد أن يتخيل المرء أنه سيقضي وراء أسوار السجن سنوات عديدة، فإن ذلكـ يُشْعِر بكوابيس لا حد لها.
بفعلها عملا حليما - ناصيته بيد السُّدَّة العلوية الحاكمة - وذلكـ بإخلاء سبيل الصحفي ومنحه السراح المؤقت، يكون المخزن قد حقق أهدافه.
- ظهور المخزن في حُلَّة المانح المُنْعِم.. الطيّب المُكْرِم، وإن كان هو نفسه وراء عملية الاعتقال و وراء ما جرى بعدها. صفقوا له يا ناس، ولِيَقُمِ الإعلام المُمْتَثِل (في المغرب لا يمكن أن يكون إلا كذلكـ) بتلميع الصورة.
- هدف آخر حققه المخزن، الذي ما فتئ يعمل، منذ 1956، على أن يركز بين يديه كل أنواع السلط، والتحكم في كافة أشكال المعارضة، بشتى الوسائل : باعتقال وإحالة علي أنوزلا على التحقيق، فإن المخزن نجح في تقويض موقع إخباري من نَواذِر المواقع الإعلامية المغربية الذي كان يظن نفسه في دولة حق حقيقية لا في ديمقراطية واهية متخيلة.
ما مصير هذا الموقع الإلكتروني ؟ الجواب معلوم، وصحفيو الموقع هم تحت رحمة استدعاء للمحكمة، من حياكة القصر، قد يأتي في أي حين أو لا تأتي.
مناخ عجيب هذا الذي يعيش تحت ظله من يريد أداء مهنة الصحافة والإعلام.
- والهدف الأخير الذي يسعى إليه المخزن هو ذو طابع رَادِع : الترهيب المسبق لكل من في نيته انتقاد النظام و انحرافاته التسلطية.
إعلان إلى أصحاب "الرؤوس المشتعلة" من حركة 20 فبراير وكذا باقي المجموعات الرافضة المحتجة.
فقط "معارضة" إعلامية رطبة، محترمة، محدودة، مؤطرة، سنتسامح معها. ورغم ذلكـ، لا بأس بين الفينة والأخرى من اعتقال أو غرامة أو ما شابه ذلكـ، ليَتَذَكَّر من يَعِي من هو السيّد.
إنها سياسة الجزرة والعصى والتي أظهر الحسن الثاني جميع ألوانها وأشكالها، والذي تركـ لنا طبقة سياسية في مجملها خانعة، خجولة (لا جرأة لها في الحق بالمرة)، فاسدة، حيث هدفها الأمثل أن تتبوأ مكانة تريدها أيّا كان الثمن (طبعا على حساب ما يسمى بالمبادئ.. لم لا).
بعيدا عن شأن المصير الشخصي لعلي أنوزلا، الذي أكِنُّ له عميق الاحترام والذي أتمنى له مستقبلا جديرا بما يمتاز به، يظهر أنه، على الأقل في الأفق القريب، لن تحط الديمقراطية الحقّة رحالها في المغرب.
هو خطأ ساهمت فيه بشكل جلّي أيضا وخصوصا نخبة (سياسية، وثقافية، واقتصادية...)، طَيِّعَة، غارقة في الجُبن.
COMMENTS