تعتبر وزارة الداخلية من أعرق المؤسسات الرسمية بالمغرب. وهي بنظر الكثيرين حكومة قائمة الذات بسبب السلطات التنفيذية الواسعة التي تحظى ...
لقد تم تحديث هذه الوزارة في عهد الحماية الفرنسية بالابقاء على بنياتها التقليدية المخزنية من خلات ادماج مؤسسة القياد والشيوخ والمقدمين في البنية الجديدة للوزارة ما يقوي ارتباطها بنظام الحكم أكثر من ارتباطها بالمجتمع. لذلك فالدور الذي لعبته هذه الوزارة في عهد الحماية هو نفس الدور الذي تلعبه اليوم لصالح التكثل الطبقي الحاكم. وبسبب هذا الموروث التاريخي المعيق لأي تطور يجعل الداخلية قادرة على حسم الصراع : سياسيا، بالتحكم في الخريطة الانتخابية واعلاميا، عبر سيطرتها على وسائل الاعلام العمومية وشبه العمومية وأمنيا، عبر وسائل القمع المختلفة الموضوعة تحت تصرفها.؟
ما جرى بالأمس بمختلف المدن والقرى من استنفار لهذا الجهاز، وقبل ذلك من خلال الحملة المكشوفة لحشد التأييد للدستور بالبلطجة والطبل والغيطة، والكيفية التي جرى فيها هذا الاقتراع بالانزالات والتزوير الصغير والكبير للنتائج، يؤكد من جديد تحكم هذه المؤسسة، القلب النابض للمخزن، في كل الترتيبات التي تؤسس للانتخابات المقبلة، ما يجعل نتائجها واضحة من الآن للعيان...
ان المخزن المغربي، ادارة وأحزابا ونخبا وأعيانا.. في سباق مع الزمن، لاعادة انتاج نموذجه الاستبدادي الذي يتأزم بسبب ما تشهده دول المنطقة من ثورات. و ما يقوم به الآن من حملات ومحاولات لخلق اجماع حول مسلسله " الاصلاحي"، لا يمكن الا لتفشل ليس بسبب استمرار نفس الوجوه المتورطة في الفساد فقط، بل أيضا، وهذا هو الأهم، باعتمادها نفس البنيات السياسية التي يؤطرها دستور يصادر كل السلط من المنتخبين المفترض أنهم سيمثلون ناخبيهم وميولاتهم السياسية، ويجعل من امكانية فصلهم عن مطالب الناخب أمرا محتوما نظرا لمغريات القرب من السلطة التي تعرف كيف تستدرج المنتخبين ( الا من رحم ربك) داخل منظومة الولاء والزبونية والمحسوبية التي تطيل من عمر الاستبداد، فتصبح كل امكانية للانتقال الديمقراطي معوقة وكل خطاب تقدمي وحداثي وديمقراطي..تبريري وتملقي. ولم يعد خافيا حجم الخسارة التي أصابت المكون الديمقراطي وخطورة الأمراض التي تفتك بجسمه من جراء احتكاك البعض من أعضائه بالبنيات المخزنية...
ان الاستمرار في نهج سياسة التوافقات الفوقية ذات المصلحة الضيقة والمبنية على الزبونية السياسية واقتصاد الريع وعمليات احتواء النخب والاحزاب.. لتجديد مؤسسات الدولة المخزنية، واضفاء نوع من الشرعية عليها، أصبحت سلوكا شانعا يدينه الشارع المغربي، بقيادة فاعله الاستثنائي المتمثل في شباب 20 فبراير. وبالأهمية بما كان، لابد من تجاوز العقلية السابقة، التي تأسست على تبرير المشاركة بسلبية الجماهير وميزان القوى أو بالوقوع في الانعزالية، طبعا عن النظام، أو للحفاظ على البنيات الحزبية من من خلال دعم الدولة..ان الأحزاب الحية هي التي تعرف كيف تتجذر وسط جمهورها لتقود معركتهم نحو الديمقراطية، ولا ترهن فعلها في التمثيل الزائف بالمؤسسات التي يعزف الغالبية من الناخبين عن تزكيتها. استمرار سياسة الواجهة، وتصاعد وتيرة الاحتقان الشعبي وارتفاع حدة الغليان الاجتماعي، ونزول المواطن العادي للشارع من أجل محاربة الفساد والاستبداد، والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة باعتبارها حقوقا لا غنى عنها، تجعل الديمقراطيين أمام خيارين لا ثالث لها : تجاوز التبريرات التي تأسست عليها البرامج التوافقية مع المخزن، واجراء نقد ذاتي لرفع اي غموض والتباس يخيم على علاقتهم بالمواطنين أو الاستمرار في نفس النهج مع ما يرافقه من اتساع ظاهرة فقدان الثقة في العمل السياسي الحزبي؟؟
نتمنى أن لا يخطأ ديموقراطيينا، مرة أخرى، موعدهم مع التاريخ، لأن العواقب هذه المرة ستكون مكلفة ان لم نقل كارثية بسبب المخاض الطبيعي الذي يعيشه مجتمعنا؟؟
محمد السلايلي
l'pproche de john waterbury sur le gauche marocaine et le segmentarisme est toujours utile pour comprendre son débat idéologique stérile. aujourd'hui, on sais que ces élites est engagées avec le système makhzenien et ont le meme role de blocage de toute évolution vers une société démocratique. Ils ont hérité les mêmes mécanismes de défense des l'anciens tribus, et pour cette raison, ils sont isolés de la masse populaire..
ردحذف