بمثول حسني مبارك ونجليه وكبار معاونيه، تسقط العديد من الأفكار المتشككة في طبيعة الحراك الشعبي بمص...
بمثول حسني مبارك ونجليه وكبار معاونيه، تسقط العديد من الأفكار المتشككة في طبيعة الحراك الشعبي بمصر وببلدان العالم العربي الأخرى. فالى ساعة متأخرة من ليلة أول أمس الثلاثاء كان المتشككون يزعقون بالفضائيات الخليجية وغيرها أن محاكمة رموز النظام ماهي الا مسرحية لامتصاص غضب الثوار والشعب المصري.
وحتى الأكثر تفائلا بمنجزات الثورة المصر ية لم يخطر ببالهم مشهد الفرعون المصري ينساق لقفص الاتهام فوق سرير طبي متحرك وبجانبه نجليه وكبار المسؤولين المتورطين في جرائم القتل العمد والنصب والنهب والاغتناء غير المشروع وغيرها من التهم التي تصل عقوبتها للاعدام.
وعلى عكس المتشككين، ظهر الشعب المصري بمختلف مكوناته أكثر انسجاما ووثوقية وراء مطالب عائلات الشهداء بالمحاكمة العادلة، ولأول مرة في تاريخ العرب ينتزع الشعب حق محاكمة حاكمه، وبشكل متحضر وشفاف عبر البث المباشر في القنوات الرسمبة رغم ما شاب هذه المحاكمة من انتقاء مسبق حرم عائلات الشهداء والصحافة الخاصة والاجنبية من حضور أطوارها. ويبقى اهم انجاز للثورة حتى الآن هو وضع الرؤوس الكبيرة للنظام وراء قفص الاتهام، وهو حدث يعد بمثابة زلزال مدوي ضرب الأرض العربية من محيطها لخليجها ، بعدما استنبتت فيها أشجار السلالات الحاكمة المقدسة والمدنسة وتجذرت عروقها، وارتدادات هذا الزلزال ستأتي لا محالة على البقية المتبقية، لان حركة التاريخ الجاري اليوم أصبحت فجائية وأحيانا لاشعورية ما يجعل من الصعب التكهن بنتائجها .ان عنصر المفاجئة الذي برز مع بداية حركة الشعوب العربية ضد الفساد والاستبداد، بات المعطى اليقيني الوحيد الذي نمسكه بيدنا ومن خلاله نعيد صياغة أفكارنا وهواجسنا و قدرتنا على استشراف أفاق مستقبلنا رغم تقلباته وضبابية أجوائه، وهو ايضا المعطى الرئيس الملموس الذي أربك حسابات القوى الداخلية و الخارجية التي تريد التحكم في مسار هذا الحراك الشعبي، وألزمها هي الأخرى على تغيير مخططاتها وبرامجها في كل لحظة وحين حسب الموجات الارتدادية التي تتوخى اعادة تشكيل تضاريس العلاقة بين الحاكم والمحكوم على قاعدة من يحكم عليه ان يحاسب. .
سقطت ثقافة التيئيس وهي أصلا لا تخدم سوى الحفاظ على الوضع القائم، وسقطت معها كل الادعاءات المغرضة التي بخست من انجازات الثورة المصرية والعربية بشكل عام، لان جر مبارك ومن معه للمحاكمة كذب كل التقارير التي ظلت تبث سمومها لاخماد حركية الشعوب، فقد اتضح بما لا يدعو للشك أن مبارك لم يكن يحكم خلف ستار المجلس العسكري كما روجوا له، وأن القوى الأجنبية وخاصة الولايات المتحدة واسرائيل لم تستطع منع مثول عرابهما للمحاكمة العلنية، بحيث من يقرأ سك الاتهام سيعرف أن 30 سنة من الحكم لخدمة أمن اسرائيل ومصالح امريكا وحلفائها بالخليج هي التي ولدت الجرائم التي يحاكم اليوم عليها . ان الأكيد والمؤكد هو أن مفاجئات أخرى ستطل لتستفز ثقافة اليأس والتيئيس وربما ما سيأتي سيكون من الحجم الثقيل الذي يجعل من هذه الثقافة مجرد غوغاء لا يقتنع بها حتى أصحابها. فتحية للشعب المصري ولثواره وللشعوب العربية التي لا زالت تنتفض ضد الفساد والاستبداد، وفي انتفاضتها تترنح يقينيات المشككين، المؤسسة بعيدا عن واقع شعوبهم وبالقرب أو بتواطئ مع هذه السلطات الغاشمة والآيلة للسقوط؟؟
سيبقى يوم أمس، الاربعاء 3 غشت 2011 يوما محوريا في قراءة تاريخ الربيع العربي. ونأمل من البقية الباقية من حكامنا المستبدين أن يحسموا أمورهم بالرضوخ لمطالب هذه الشعوب وعلى رأسها القضاء على الفساد والاستبداد، أو الاستقالة او الهروب كما فعل مبارك وبنعلي، أما الخيار الثالث والذي نعيش فصوله الدامية بليبيا وسوريا فلن تكون نتيجته النهائية الا كارثية عليهم رغم التكلفة الباهضة لفاتورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
par Mohammed Slaily, jeudi 4 août 2011, 01:49
COMMENTS